الشاعرة الجزائرية مهدية طواهري: التشاركية محطة مهمة لصقل التجارب والتفرد في الإبداع الأدبي

profile
  • clock 5 يوليو 2025, 9:17:58 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أجرى الحوار: مكتب «180 تحقيقات» بشمال إفريقيا

صدر عن دار النشر Art plumes الجزائرية، ديوان "بذرة حب في القلب" وهو عبارة عن حوار أدبي شعري ونثري بين الشاعرة والكاتب الشاعر محمد أمقران عبدلي. التقينا بالشاعرة طواهري وأجرينا معها هذا الحوار حول هذه التجربة الأدبية الجديدة.


الشاعرة مهدية طواهري.. بداية، ممكن تقديم، من هي الشاعرة مهدية طواهري؟ وكيف ولجتِ إلى عالم الأدب والشعر؟

أنا مهدية طواهري، من مواليد مدينة  عين الخضراء، ولاية المسيلة الجزائرية  أعمل أستاذة لمادة علوم الطبيعة والحياة في الطور المتوسط. بدأت علاقتي بالأدب في سن مبكرة، حيث كتبت محاولات في السرد القصصي خلال مرحلة التعليم المتوسط، ثم بدأت أكتب الشعر في مرحلة التعليم الثانوي. في تلك المرحلة، كتبت أولى قصائدي الموزونة، وشجعني كثيرًا مدير الثانوية آنذاك، الأستاذ النذير لعلاوي، الذي كان من هواة الشعر، فقرأ نصوصي ودعمني، ومنحني فرصة إلقائها في الحفلات والمناسبات المدرسية.

 

لكن بعد التحاقي بالجامعة، توقفت تمامًا عن الكتابة بسبب ظروف خاصة، وكانت فترة الانقطاع طويلة. للأسف، أضعت خلالها أول قصيدة موزونة كتبتها، ولم أواصل تعلم العَروض أو تطوير تجربتي الشعرية. ومع ذلك، ظلت الكتابة تسكنني، وكنت أكتب لنفسي في دفاتري ومذكّراتي. كنت أميل إلى العزلة، وأجد في الكتابة ملاذًا صادقًا حين يعجز الكلام. فشلي في التواصل الاجتماعي جعل الورق رفيقي الأول.

يجمعك ديوان مشترك مع الكاتب والخبير محمد أمقران عبدلي، فكيف جاءت فكرة الديوان المشترك؟

التقيت بالأستاذ محمد أمقران عبدلي، ابن ولاية بجاية، خلال مشاركتنا في ملتقيات أدبية بولاية أم البواقي. ومن خلال تلك المشاركات، توثقت العلاقة الأدبية بيننا، إلى أن اقترح هو فكرة إصدار ديوان مشترك يجمعنا. رأى أن اختلاف البيئتين اللتين ننتمي إليهما سيمنح النصوص بعدًا مميزًا: فقد كتب هو عن منطقة بوسعادة، بينما كتبتُ أنا عن منطقة القبائل، من منظور وجداني يتأمل في المكان والانتماء والحنين. راقت لي الفكرة، وكان هذا العمل ثمرة حوار شعري وروحي عميق.

الديوان هو عبارة عن مختارات أدبية تجمع بين الشعر النثري والنثر الشعري على شكل حوارات مطوّلة بينكما، وهذا في حد ذاته أسلوب تشاركي جديد.

نعم، اعتمدنا في هذا الديوان أسلوبًا تشاركيًا غير تقليدي، جمعنا فيه بين قصيدة النثر والقصة، وكتبنا نصوصًا على هيئة حوارات طويلة بين صوتين مختلفين، يتقاطعان في الإحساس ويتكاملان في الرؤية. لم تكن النصوص منفصلة أو جامدة، بل كانت تفاعلية، كأن كل نص يستدعي الآخر ويحاوره. هذا التداخل فتح لنا أفقًا حرًا للتعبير، وسمح للكلمة أن تتحرر من الشكل، لتصل مباشرة إلى جوهر المعنى والشعور.

الشاعرة مهدية طواهري، قدّم لديوانكما قامة في الأدب الشعبي وهو الأستاذ عبد الحميد بورايو. كيف كانت التجربة؟

تقديم الأستاذ عبد الحميد بورايو للديوان هو شرف كبير أعتز به، أنا والأستاذ أمقران. نعتبر هذا التقديم وسامًا علقناه في صدر الديوان. الأستاذ بورايو شخصية أدبية مرموقة في الجزائر، وله باع طويل في الأدب الشعبي والدراسات الثقافية. أن يمنحنا ثقته ويكتب تقديمًا لنصوصنا، هو دعم معنوي كبير، منح العمل وزنًا مضاعفًا.

 

كذلك ساهم الأديب المعروف عيسى بن محمود بقراءة تحليلية للديوان، وهو أسلوب جميل في إشراك الأساتذة والأدباء في تقديم وقراءة الديوان. كيف كانت التجربة ولماذا هذه المنهجية؟

كانت تجربة مهمة من حيث القيمة الأدبية والتحليلية. قدّم الأديب عيسى بن محمود قراءة نقدية للديوان أضاءت بعض زواياه وأبرزت أبعاده الرمزية والوجدانية. هذا النوع من التفاعل مع النص يمنحه حياة أخرى خارج حدود الكتابة. نحن نؤمن بأن النص الأدبي لا يُكتب ليبقى صامتًا، بل ليُقرأ ويُؤوَّل. لذلك اخترنا إشراك أسماء أدبية نثق بها، لأننا نعتبر النقد الصادق امتدادًا للعمل الإبداعي.

أنتِ والكاتب محمد أمقران من بيئتين مختلفتين نوعًا ما، لكن هناك انسجام وتناغم كبير في هذا الحوار الأدبي بينكما. ما هي العوامل المساعدة على هذا الانسجام الأدبي؟

رغم اختلاف الانتماء الجغرافي والثقافي، إلا أن ما جمعنا هو تقاطع الإحساس والوعي الأدبي. كنا نكتب من دواخلنا، عن الإنسان، عن مشاعره المتقلبة، عن الفقد، الحب، الحنين، والأمل. الأهم هو الاحترام المتبادل والانفتاح على أسلوب كل منا. لذلك وُلد هذا الانسجام الطبيعي، لا بتشابه الأساليب، بل بتكاملها.

تتغنى نصوصكما بالوطن والغربة والذات الإنسانية المتقلبة، وهو التزام أدبي ووجداني، بل يمكن تصنيفه ضمن أدب الواقع. ما رأيك؟

أوافقك الرأي، هو بالفعل أدب واقع، لكن بلغة وجدانية تنأى عن التقريرية. لم نكتب عن الوطن كموضوع مباشر، بل كتبنا عن الاغتراب، عن العلاقات، عن التفاصيل اليومية التي تشكّل حياة الإنسان. كتبنا عن الحب، والحنين، والخيبة، والحضور والغياب، وكلها ملامح واقعية نعيشها، وتحتاج من يرصدها ويمنحها صوتًا إنسانيًا صادقًا.

كيف تنوين تثمين هذا العمل الأدبي والترويج له؟

أسعى إلى تقديم هذا الديوان في المعارض الوطنية والمناسبات الثقافية، وإلى نشره في المنصات الإلكترونية والأدبية، مع المساهمة في لقاءات حوارية ومقالات تعريفية. نأمل أن يجد صدًى لدى القرّاء والنقاد، لأننا نؤمن بأن كل عمل صادق يستحق أن يُقرأ.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أشتغل حاليًا على ديوان شعري بعنوان "زنبقة برية"، يحمل شيئًا من تأملاتي الخاصة وصوتي الشعري الهادئ. كما أعمل على مجموعة قصصية بعنوان "ما عيشة"، تستعيد ملامح جدتي رحمها الله، وتحمل شيئًا من الذاكرة والحنين، وتوثّق لحياة بسيطة لكنها عميقة، عشتها معها بحب.

التعليقات (0)