تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في موقف سياسي وإنساني جريء، دعا الرئيس الأيرلندي مايكل هيغينز، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى تفعيل إجراءات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد إسرائيل، وذلك على خلفية جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

الفصل السابع.. لحماية السلم الدولي

وخلال تصريح صحفي أدلى به اليوم الاثنين، قال هيغينز: "أنا أرى أن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يستخدم الإجراءات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، باستخدام الفصل السابع"، في إشارة إلى البند الذي يُخول مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراءات حازمة، تصل إلى استخدام القوة، لحفظ أو استعادة السلم والأمن الدوليين.

وبحسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن الفصل السابع يُطبَّق في حال وجود "تهديد للسلم، أو إخلال به، أو وقوع عمل من أعمال العدوان"، وهي توصيفات تنطبق بشكل واضح على ما يجري في غزة، وفق وصف هيغينز.

تجاوز الفيتو من أجل العدالة

وأضاف الرئيس الأيرلندي أن على الأمين العام أن يتحرك حتى في حال وجود تعطيل باستخدام حق النقض (الفيتو) داخل مجلس الأمن، قائلاً:
"حتى لو كان هناك تعطيل، فإن الحق قائم للأمين العام في السعي لتشكيل دفاع دولي"، في دعوة صريحة لتجاوز الهيمنة السياسية لبعض الدول الكبرى، التي تمنع اتخاذ قرارات حاسمة ضد إسرائيل.

6 آلاف شاحنة مساعدات ممنوعة من دخول غزة

في معرض حديثه عن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، كشف هيغينز عن وجود 6 آلاف شاحنة مساعدات محمّلة بالمواد الغذائية والطبية والإنسانية، تم منعها من دخول القطاع، رغم قدرتها على تغطية احتياجات السكان لمدة ثلاثة أشهر.

ووصف هذا التصرف بأنه "أمر فظيع"، مؤكدًا أن حرمان السكان من الطعام والدواء هو جريمة أخلاقية وقانونية تستوجب المحاسبة الدولية.

"هل سنبقى نشاهد الأطفال يموتون جوعًا؟"

وفي لهجة حزينة وحاسمة، عبّر مايكل هيغينز عن صدمته من صمت المجتمع الدولي، قائلًا: "لا أستطيع هنا الوقوف وإلقاء خطاب عندما أرى هذا الدمار الهائل لشعب يحدث الآن. هل سنبقى نشاهد الأطفال يتضورون جوعا، ونساء يعانين من الجفاف يحاولن إطعام أطفالهن؟"

واختتم حديثه بنداء إنساني عاجل: "يجب أن يحدث شيء، يجب أن يحدث شيء"، داعيًا إلى تحرك حقيقي لا يقتصر على البيانات أو الإدانات الشكلية.

موقف غير مسبوق من رئيس دولة أوروبية

يُعد موقف الرئيس الأيرلندي مايكل هيغينز من بين المواقف الأوروبية الأكثر وضوحًا وصراحة ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، حيث تجرأ على المطالبة بتفعيل الفصل السابع، رغم إدراكه لحساسية الملف داخل أروقة مجلس الأمن.

ويأتي هذا التصريح في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي خلّف حتى الآن نحو 208 آلاف شهيد وجريح، بينهم نسبة عالية من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين، في ظل حصار خانق يُمنع فيه دخول الغذاء والدواء والماء بشكل منتظم.

دعم مطلق من واشنطن.. وصمت دولي مريب

وبالرغم من التوثيق المتزايد لجرائم الإبادة والتجويع والحصار الجماعي، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية دعمها السياسي والعسكري المطلق لإسرائيل، مستخدمة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لعرقلة أي قرار يدين الاحتلال.

ويأتي نداء هيغينز ليضع المجتمع الدولي، والأمم المتحدة تحديدًا، أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، في وقتٍ تتفاقم فيه الكارثة الإنسانية دون أفق للحل.