تصريحات مثيرة للجدل من سموتريتش

الخلافات بين نتنياهو وسموتريتش: صراع حقيقي أم مناورة سياسية؟

profile
  • clock 10 أغسطس 2025, 2:06:30 م
  • eye 413
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
سموتريتش

محمد خميس

أثارت التصريحات الأخيرة لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ضد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث تباينت آراء المراقبين والمحللين حول حقيقة هذه الخلافات ومدى جديتها. فبينما يرى البعض أنها انعكاس لصراع داخلي حقيقي في الحكومة الإسرائيلية، يعتبر آخرون أنها مجرد مناورة سياسية تهدف إلى تخفيف الضغط الدولي على تل أبيب.

الانقسام داخل حكومة الاحتلال

المحلل السياسي وسام عفيفة يرى أن الانكشاف العلني للخلافات بين نتنياهو وسموتريتش يضعف صورة الحكومة الإسرائيلية، ويعزز شعور الشارع الإسرائيلي بأن الحرب في غزة تُدار بلا رؤية موحدة، مما يقلل من الثقة في قدرتها على تحقيق النصر المعلن.
وأشار عفيفة في حديثه مع "قدس برس" إلى أن هذا الانقسام يضعف الموقف الإسرائيلي أمام الوسطاء الدوليين، إذ يظهِر إسرائيل كطرف منقسم داخليًا، وهو ما يمنح خصومها، وخاصة حركة حماس، فرصة أكبر للمناورة في ملفات حساسة مثل التفاوض على الأسرى ووقف إطلاق النار.

حماس واستثمار الخلافات الإسرائيلية

بحسب عفيفة، فإن حركة "حماس" لن تفوت فرصة استغلال هذه الخلافات لتعزيز موقعها الميداني والتفاوضي، سواء عبر رفع سقف مطالبها في المفاوضات، أو من خلال الظهور كطرف أكثر التزامًا بالصفقة من حكومة إسرائيلية تعاني من أزمة قرار واستراتيجية.
ويضيف أن الخطاب الإعلامي للحركة سيسعى لإظهار أن إطالة أمد المفاوضات سببه أزمات داخلية إسرائيلية، وليس رفضها أو تعنتها.

تصريحات مثيرة للجدل من سموتريتش

الخلاف الأخير تفجر بعد تصريحات سموتريتش، مساء السبت، التي هاجم فيها قرار الحكومة باحتلال مدينة غزة، مؤكدًا أنه "فقد الثقة بقدرة نتنياهو ورغبته في قيادة الجيش إلى النصر والحسم" في القطاع.
ورغم حدة هذه التصريحات، يشير بعض المراقبين إلى أن مثل هذه المواقف ليست جديدة على سموتريتش، الذي سبق أن هدد أكثر من مرة بالاستقالة وإسقاط الحكومة منذ بداية الحرب، لكنه لم ينفذ أيًا من تهديداته.

منظور الباحثين: خلافات تكتيكية أم استراتيجية؟

الباحث في مركز "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات، يرى أن تصريحات سموتريتش قد لا تكون مؤشرًا على خلاف حقيقي، بل ربما تدخل ضمن أدوات يستخدمها نتنياهو لتخفيف الضغوط الخارجية، خصوصًا من الولايات المتحدة، سواء لتأجيل العملية العسكرية في غزة أو لاستكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق.
ويشير بشارات إلى أن دعوات سموتريتش لـ"الحسم العسكري" تمنح نتنياهو مساحة للظهور بمظهر المتوازن بين مطالب التيار اليميني المتطرف الذي يدعو لاحتلال كامل لغزة، وبين الضغوط الدولية التي تطالب بضبط العمليات العسكرية.

التنسيق بين نتنياهو وسموتريتش

بحسب بشارات، فإن تحركات سموتريتش تتم غالبًا في إطار تنسيق مسبق مع نتنياهو، مستشهدًا بتجربة الحرب الحالية التي ظل فيها الوزير جزءًا من معسكر نتنياهو، على عكس شخصيات أخرى مثل إيتمار بن غفير التي دخلت في صدامات علنية مع رئيس الوزراء.
ويرى أن التيار الديني الصهيوني الذي يمثله سموتريتش لا يمتلك بديلًا سياسيًا قادرًا على تحقيق مصالحه أكثر من نتنياهو، خاصة وأن الأخير كان داعمًا قويًا لمشاريعه، مثل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وإلغاء قانون فك الارتباط.

الحسابات الانتخابية والقاعدة الجماهيرية

من زاوية أخرى، يشير بشارات إلى أن سموتريتش بات يتمتع بقاعدة جماهيرية أوسع في أوساط اليمين المتطرف، بفضل نجاحه في دفع مشاريع استيطانية واسعة، مما يمنحه أفضلية في أي انتخابات مقبلة.
لكن هذه الشعبية لا تعني بالضرورة أنه يسعى لإسقاط الحكومة الحالية، بل قد تكون جزءًا من استراتيجية تعزيز مكانته السياسية تحضيرًا للمستقبل.

تداعيات الخلافات على المشهد السياسي

سواء كانت الخلافات بين نتنياهو وسموتريتش حقيقية أو مفتعلة، فإنها تؤثر على صورة الحكومة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا. داخليًا، تعزز الانطباع بوجود انقسام سياسي في إدارة الحرب، مما يضعف الثقة الشعبية. وخارجيًا، توفر هذه الانقسامات مادة دسمة للخصوم السياسيين، وتؤثر على مسار المفاوضات مع الوسطاء.

تظهر الأزمة بين نتنياهو وسموتريتش كجزء من المشهد المعقد للسياسة الإسرائيلية، حيث تتداخل الحسابات الداخلية مع الضغوط الدولية، والمصالح الحزبية مع القضايا الأمنية. وبينما يرى البعض فيها مؤشراً على ضعف حقيقي في تماسك الحكومة، يراها آخرون مجرد أداة تكتيكية لامتصاص الضغوط الخارجية وتعزيز المواقف التفاوضية.

التعليقات (0)