جريمة العصر... والضمير العالمي غائب

التجويع كسلاح إبادة في غزة: جريمة حرب مستمرة على مرأى العالم

profile
  • clock 11 مايو 2025, 2:20:51 م
  • eye 410
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

في مشهد يُشبه أفلام الأبيض والأسود، تستحضر غزة كل مآسي الحروب والمجاعات في العالم، لكن بصورة أكثر وحشية وعلنية، حيث يُستخدم التجويع كسلاح إبادة جماعية تستهدف كل من بقي على قيد الحياة، تحت وطأة الحصار والقصف والحرمان. في غزة، لا صوت يعلو فوق أنين الجوع، ولا مشهد يُغطي على صراخ الأطفال ووجع الأمهات.

غزة... حيث الموت بالصمت أحيانًا أقسى من الصواريخ

في هذا المكان المحاصر، أصبح سماع صوت الصاروخ دليل حياة، ومن لا يسمعه يُعد في عداد الشهداء. المدينة لم تعد مدينة، بل أنقاض بيوت، خيام محروقة، عائلات مشرّدة بلا ماء، ولا طعام، ولا دواء.
النوم في غزة ممنوع... ليس فقط بسبب القصف، بل لأن الجوع والأمراض والروائح الكريهة باتت تحرم الإنسان حتى من لحظة استراحة.

استهداف مباشر لمصادر الحياة

في مشهد يكشف النية المبيتة لتجويع السكان، قصفت قوات الاحتلال المخابز، وتكايا الطعام، وأماكن إعداد الوجبات للفقراء، وامتزجت صلصة الطماطم بدماء الطهاة والمتطوعين.
المجاعة هنا ليست نتيجة طبيعية للحرب، بل أداة قتل ممنهجة، تستهدف الحياة بكل تفاصيلها، وتدمير ممنهج للبنية التحتية.

جوع من أجل التهجير

ورغم تكدّس المساعدات وشاحنات الغذاء عند المعابر، يموت عشرات الغزيين جوعًا. السكان يبحثون عن الحطب بين الأنقاض، وأحيانًا يضطرون لحرق أثاثهم أو حتى بقايا ملابسهم لطهي ما تبقى من طعام إن وُجد.
أوزان الناس تتناقص للنصف، والوفيات بسبب سوء التغذية تتزايد، فيما يبتكر الأطباء محلولًا ملحيًا من البطاطس لإنقاذ المرضى. وتبقى الرضّع وأمهاتهم الضحايا الأشد ألمًا، في ظل انعدام الرعاية والغذاء.

تصريح جريمة: عندما يصبح التجويع "استراتيجية عسكرية"

رغم أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يصف تجويع المدنيين ومنع الإغاثة بأنه جريمة حرب، إلا أن وزراء الاحتلال الصهيوني يصرّحون علنًا: "لن نسمح بدخول حبة قمح لغزة".
ويعلن وزير دفاعهم الفاشي أن "لا طعام، لا ماء، لا كهرباء"، بل يتفاخر بفرض حصار شامل باعتبار الفلسطينيين "حيوانات بشرية"، على حد وصفه.
وفي لحظة سخرية سوداء، يُرسل جيش الاحتلال شاحنة إلى غزة مليئة بـ"أكفان الموتى" بدلًا من الغذاء!

قصف المساعدات ومنع الطعام حتى في أوروبا!

لم تكتف قوات الاحتلال بتجويع السكان داخل غزة، بل وصل الأمر إلى قصف سفن المساعدات الإنسانية في أوروبا، واستهداف فريق منظمة World Central Kitchen، ما دفعها إلى تجميد عملها، لتكون بذلك إسرائيل أول دولة تُعاقب من يطعم الجوعى.

غضب الغزيين من صمت المؤسسات الدولية

فيما يكتفي مسؤولو الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بتصريحات قلقة و"تحذيرات"، يصرخ أهالي غزة: "تصريحاتهم لا تُغني من جوع!"
المفوض السامي في الأمم المتحدة وصف التجويع بأنه "عقاب جماعي"، بينما سكان القطاع يقولون: "نحن تحت خط الموت، لا تحت خط الفقر فقط".

مجاعة ولدت مع الحرب... وطفولة تموت قبل أن تولد

ولد في الحرب أكثر من 70 ألف طفل، يعانون منذ لحظاتهم الأولى من أمراض مزمنة وسوء تغذية حاد.
نساء يلدن في العراء، وأمهات لا يمتلكن الحليب لإرضاع أطفالهن، بعدما تحوّل الدم إلى غذاء بديل في أجساد الأمهات.

الحصار العربي: المعابر مغلقة والمساعدات تمر عبر العدو

المفارقة المروعة أن بعض الدول العربية تغلق المعابر أمام المساعدات لغزة، بينما تسمح بمرور شحنات غذاء وسلاح إلى جيش الاحتلال عبر أراضيها.
ويصف مراقبون هذا الواقع بأنه دور مباشر في التواطؤ مع الإبادة الجماعية، قد يُحاكم وفق القانون الدولي.

جريمة العصر... والضمير العالمي غائب

في خضم هذه المجاعة الممنهجة، تنتشر صور صادمة وفيديوهات حية من غزة، تفضح تآمر الصمت الدولي والتخاذل العربي. ومع كل يوم جديد، تتجدد معاناة الفلسطينيين، لكنهم يواصلون الصمود، يطهون الألم على نار العجز، ويهتفون من تحت الردم: "لن نموت بصمت، وإن جاع الجسد فالكبرياء ما زال حيًّا".

التعليقات (0)