إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: المحكمة التي شرعنت الجوع.. غزة تُقتل بقرار قضائي

profile
  • clock 2 مايو 2025, 9:06:59 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
المحكمة التي شرعنت الجوع.. غزة تُقتل بقرار قضائي

في سابقة خطيرة، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية في أواخر مارس 2025 قرارًا برفض التماسات قدمتها منظمات حقوقية طالبت بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. هذا القرار، الذي يرسّخ سياسة الحصار والتجويع، يثير تساؤلات جوهرية حول دور الجهاز القضائي الإسرائيلي في تغطية السياسات العدوانية تجاه الفلسطينيين، وتحلّله من الالتزامات القانونية والإنسانية الدولية.

حين تصبح المحكمة أداة حرب

قرار المحكمة استند إلى ما وصفته بـ"الاعتبارات الأمنية والسياسية"، متجاهلًا عمدًا المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف التي تلزم قوة الاحتلال بضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين. برفضها إدخال المساعدات، تكون المحكمة الإسرائيلية قد شرعنت استخدام التجويع كسلاح حرب، بل غطّت على سياسات الحكومة التي أوصلت السكان إلى حافة المجاعة.

تجويع ممنهج.. وشهادات على الأرض

تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تؤكد أن الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مرحلة الكارثة: الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، والمنظومة الصحية والخدمية على وشك الانهيار التام. يأتي قرار المحكمة في سياق يتجاوز مجرد موقف قانوني، ليؤسس لمرحلة جديدة من استخدام القضاء كوسيلة لإضفاء الشرعية على جرائم الحرب.

تواطؤ بنيوي: السلطة القضائية كذراع للاحتلال والدولة العميقة

لم يكن هذا القرار مفاجئًا في ضوء التاريخ القضائي للمحكمة العليا الإسرائيلية، التي طالما لعبت دورًا في تغليف السياسات الاستعمارية بغلاف قانوني. من هدم المنازل إلى مصادرة الأراضي، ومن شرعنة الاستيطان إلى غضّ الطرف عن جرائم الجنود، تشكّل هذه المؤسسة جزءًا من بنية الاحتلال لا رقيبًا عليه.

في ميزان العدالة الدولية

بات واضحًا أن التعويل على المنظومة القضائية الإسرائيلية لتحقيق العدالة للفلسطينيين هو وهم. في المقابل، تزداد أهمية تفعيل أدوات العدالة الدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت بالفعل مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين بتهم تشمل استخدام التجويع كسلاح، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

خاتمة: غزة تختنق والعدالة تغيب

بينما يواجه أكثر من مليوني إنسان في غزة خطر المجاعة، تمارس إسرائيل سياسة خنق ممنهجة تحت غطاء قضائي وقانوني داخلي، حيث لم يعد القضاء الإسرائيلي سوى أداة بيد الاحتلال. وسيكتب التاريخ أن المحكمة العليا في إسرائيل لم تكتفِ بالصمت على الجريمة، بل وقّعت بحكمها ختمًا على تجويع الأطفال والإبادة الجماعية.

التعليقات (0)