على ترامب اتخاذ خطوات للإطاحة بجيروم بأول

أ. رباب سعيد تكتب: ترامب والفيدرالي ويوم التحرير

profile
أ. رباب سعيد كتابة مصرية
  • clock 24 يوليو 2025, 2:15:47 م
  • eye 426
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب

كعادته من حين لأخر لم يخف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رأيه في السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، ويعلن علي الملأ أنه ينوي استبدال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قائلاً: "ليس لديه أي فكرة عن الاقتصاد" بشخص آخر يخفض أسعار الفائدة فور توليه المنصب العام المقبل، إن لم يكن قبلها مضيفا أن خفض أسعار الفائدة سيكون بمثابة "وقود الطائرات" للاقتصاد "لكنه (باول) لا يريد فعل ذلك إنه "لا يحبني"، وما يُقهر الإدارة الترامبية أن البنك المركزي الأميركي تأسس بطريقة تمنع قيام السلطة التنفيذية بانقلاب من هذا القبيل لذلك تتعامل الأسواق المالية مع تصرفات ترمب بهدوء، مهما حاول تقويض تقاليد الاستقلالية والتكنوقراطية في الاحتياطي الفيدرالي، 

 

وبالتالي فعلى ترامب اتخاذ خطوات للإطاحة بجيروم بأول، أولها حصول ترامب على موافقة مجلس الشيوخ على مرشحه الجديد، فهل يفشل كما حدث فشل ترشيح جودي شلتون في 2020، كونها أحد مؤيدي العودة إلى معيار الذهب، والتي أثارت موجة اعتراضات حادة بين الاقتصاديين والموظفين السابقين في الاحتياطي الفيدرالي فتم رفضها.

 

إن الاحتياطي الفيدرالي ليس دكتاتورية، وسلطة رئيسه ليست مطلقة، مهما كان الإطار الذي يضع فيه ترمب انتقاداته لباول. فاللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة- الجهة المنوطة بتحديد أسعار الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي- تضم 12 عضواً لهم حق التصويت، ثمانية أعضاء دائمين وأربعة متناوبين من نظام بنوك الاحتياطي الإقليمي، هدفها تحقيق التوازن بين المصالح الإقليمية والوطنية، وحماية السياسة النقدية من الضغط السياسي، ويضم أصحاب حق التصويت الدائم سبعة أعضاء من مجلس محافظي البنك، يتولون مناصبهم على فترات متداخلة لمدة 14 عاماً،

 

وقد حُددت هذه المدة عمداً لضمان عدم التزامن مع الدورة السياسية. لكن الأهم حصول رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وحده على حق التصويت الدائم، أما الأربعة المتناوبون سنوياً من بين مجموعة تضم 11 رئيساً لبنوك الاحتياطي الإقليمية، يجري اختيارهم من قبل لجنة لتقييم وتعيين المرشحين تشكلها مجالس إدارات بنوكهم، وليس الرئيس. (لم يمنع هذا النظام ريتشارد نيكسون من التأثير على رئيس الاحتياطي الفيدرالي أرثر برنز في السبعينيات، لكن نيكسون كان في وضع استثنائي حينها، إذ عيّن خمسة من أعضاء مجلس المحافظين. الأكثر أهمية، أن ما حدث في عهد نيكسون أدى إلى تبني الاحتياطي الفيدرالي استقلالية وشفافية أوسع نطاقاً يصعب تقويضهما لاحقاً)، أما الآن يُعد تحديد عدد الأعضاء الجمهوريين الذين يملكون حق التصويت في الفترة الحالية أمراً صعباً إلى حد ما، ويرجع ذلك إلى أن العديد من رؤساء بنوك الاحتياط يتكتمون على انتماءاتهم السياسية، ضمن أسباب أخرى، من بينهم سبعة، عيّن منهم الأسبق جو بايدن أربعة، فيما بقي اثنان منذ ولاية ترمب الرئاسية الأولى، أما السابع فهو باول الذي رشحه أوباما لعضوية المجلس، ورقاه ترمب إلى منصب رئيس البنك المركزي. وستنتهي فترة أدريانا كوغلر، إحدى من عينهم بايدن، خلال ولاية إدارة ترمب، وباختصار، حتى لو عيّن ترمب شخصاً يعميه الولاء لدرجة تدفعه إلى توجيه الاقتصاد إلى اتجاه خاطئ عمداً، فلن يمكنه تغيير النظام في اللجنة. كما يحق للفيدرالي الحالي باول أن يحتفظ بمقعده في المجلس بعد انتهاء ولايته إذا رأى أن بديله مرشحاً متهوراً، وتلك ستكون أول مرة في تاريخ البنك منذ مارينر إيكلز عام 1948م.

 

من المؤسف أن لدى العامة انطباعاً بأن المعارضة تتلاشى، وألوم الاحتياطي الفيدرالي على أن سوء تواصله، وتقاليده الداخلية قد سمحت بترسخ هذه الفكرة الخاطئة، وخلافاً لما كان يجري في الفترات السابقة، يمضي أعضاء مجلس المحافظين ورؤساء بنوك الاحتياط ساعات عديدة خلال الفترات بين الاجتماعات في تقديم الحجج التي تدعم آرائهم إلى العامة من خلال الخطب والمقابلات. الواقع أن قرار السياسة النقدية يُناقش على شبكتي "سي إن بي سي" و"بلومبرغ"، ثم يجتمع الكل ويحاولون إظهار إجماع الآراء، وهو إجماع زائف؟ على الأرجح، وله أغراضه، وذلك لا يعني عدم تحمل ترمب للسياسة النقدية؛ مهما حدث، حتى ولو عين (جرواً) لإن تكاليف الاقتراض طويلة الأجل، سترتفع حتماً، لا تنخفض

 

، فمثلاً تُعد معياراً رئيسياً للقروض العقارية ثابتة الفائدة لمدة 30 عاماً وغيرها من قروض المستهلكين والشركات- التوقعات حول الاقتصاد على المدى الطويل، وسترتفع إذا ظن المستثمرون أن البنك المركزي يتخلى عن مسؤوليته في السيطرة على التضخم. والعبرة هنا من التراجع عما حدث "يوم التحرير" في الآونة الأخيرة أن ترمب قد يدرك ذلك، ويخفف من نزعاته المتهورة الأشد سوءاً.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)