أمجد العسة يكتب: رفع العقوبات الأميركية عن سوريا: دفعة استراتيجية لإحياء الرياضة السورية

profile
أمجد العسة صحفي سوري
  • clock 28 مايو 2025, 10:11:10 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
صورة لملعب العباسيين في العاصمة دمشق 2024

في مايو 2025، جاء القرار التاريخي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا كتحوّل سياسي واقتصادي ورياضي قد يعيد تشكيل ملامح الحياة العامة في البلاد، هذا القرار أعاد الأمل لبلد أنهكته الحروب والعقوبات، وأصبح ضحية لصراعات متعددة، وعلى الرغم من أن العقوبات شكلت جداراً عازلاً أمام التعافي، فإن رفعها الآن يمنح فرصة حقيقية للنهوض.


من بين أكثر القطاعات المتأثرة بهذا القرار، يبرز القطاع الرياضي الذي عانى من عزلة طويلة وقيود معرقِلة للتطور، ما انعكس سلباً على قدرة الرياضة السورية على المنافسة، وأدخلها في نفق مظلم.

 

فماذا يعني هذا القرار بالنسبة للرياضة السورية؟ وما هي أبواب التحسين التي يُتوقع أن تنفتح؟

 

نظرة إلى الوراء: سنوات العزلة والتراجع 


عانت الرياضة السورية خلال سنوات الحرب وهيمنة النظام البائد إضافة إلى العقوبات من عقبات وتأثيرات مباشرة أسهمت في جعل الرياضة السورية بكافة انواعها بعيدة عن الإنجازت الفردية والجماعية ، فأصبح التأهل للدوري الثاني من كأس أسيا على سبيل المثال إنجاز تاريخي للكرة السورية، بينما كان هنالك منتخبات تهدف للفوز بهذه البطولة وتجهيز منتخبها للتأهل لنهائيات كأس العالم ، وإذا أردنا تلخيص الواقع بنقاط مختصرة فأهم هذه النقاط :


تدخل الجهات السياسية والأفراد التابعين للنظام السابق بعمل اللجان الرياضية وتسيسها لمصلحتهم، قد كشفت تقارير حديثة عن قضايا تزوير وفساد، من أبرزها،" الجيل الذهبي الكروي السوري المزيّف"، مشاركة لاعبين سوريين شباب في بطولاتٍ دولية بأعمار مزيّفةا.لجيل الذهبي الكروي السوري المزيّف”… مشاركة لاعبين سوريين شباب في بطولاتٍ دولية بأعمار مزيّفة 


ضعف التمويل الخارجي بسبب القيود البنكية الدولية.


صعوبة شراء المعدات الرياضية الحديثة أو استيرادها.


تعليق بعض الأنشطة الدولية للاتحادات الرياضية.


هجرة الكفاءات من مدربين ولاعبين وإداريين إلى الخارج.


وعدم وجود الشخص المناسب بالمكان المناسب.

 

مرحلة جديدة: ما بعد رفع العقوبات


مع الانفتاح التدريجي في البلاد، تدخل الرياضة السورية مرحلة فارقة قد تشكّل فرصة تاريخية لإعادة البناء والتطوير بعد قرار رفع العقوبات ولو أن العملية ستحتاح بعض الوقت، حيث تتجه الأنظار إلى إعادة بناء هذا القطاع بعد سنوات من التحديات والعزلة، لم يعد الحديث مقتصرًا على الترميم أو الصمود، بل عن تطوير حقيقي، وفرصة تاريخية لإعادة بناء الرياضة السورية وجعلها تعود للواجهة والمنافسة العربية والعالمية .


وبين التفاؤل الشعبي والدعم الحكومي، تبرز مجموعة من المجالات التي من المتوقع أن تشهد تحسنًا ملموسًا في المستقبل القريب أهمها:

 

أولاً: التحسينات المباشرة بعد رفع العقوبات
 

تدفّق الدعم المالي والرعايات : 

 

مع رفع القيود البنكية، يُتوقع أن تعود الرعايات الرياضية والشركات الداعمة للعمل مع الأندية والاتحادات السورية، وهذا يعني زيادة التمويل للمسابقات المحلية، وزيادة فرص استثمار في الأندية واللاعبين، ودعم الأندية في التعاقد مع مدربين وللاعبين أجانب أو تنظيم معسكرات خارجية ، والأهم م نذلك الاستفادة من الاموال المجمدة بسبب العقوبات مما يسمح للاتحاد الرياضي من توزيع هذه الاموال بشكل عادل واستخدام هذه الاموال في دعم الأندية والمنشأت الرياضية والمنتخبات .


فقبيل عام 2011، كانت الرعايات الرياضية في سوريا تقدّر بحوالي 10 ملايين دولار سنويًا، في حين انخفضت بنسبة تتجاوز 85% خلال سنوات الحرب حسب مصدر في مكتب الاتحاد الرياضي العام .


وتحظى الرياضة السورية بشعبية كبيرة عند مختلف الأطياف والأعمار في سوريا ، ففي يوم الجمعة  قبيل 15 سنة ، كنا نشاهد الملاعب ممتلئة بالمشجعين في مختلف الملاعب مع بروز الدوري السوري في ذلك الوقت من ضمن أفضل الدوريات العربية على مستوى كرة القدم ، مما يجعلها عامل جذب للاستثمار الداخلي والخارجي ، وساهم في تقدم ملحوظ، وأفضل تصنيف عالمي رسمي سجّله الدوري السوري بحسب موقع  IFFHS  ،كان في عام 2009، عندما احتل المركز 88 عالميًا من بين أكثر من 150 دوريًا ، والمركز 9 أسيوياً .


تطوير البنية التحتية والمنشآت الرياضية:


لايخفى على أحد أن المنشأت الرياضية في سورية تعاني من عدم توفر المعدات والصالات الرياضية المستوفية للمعايير العالمية والملاعب غير مناسبة لاستضافة البطلولات والمباريات وتحويل بعض الملاعب لمنشئات عسكرية وثكنات في عهد النظام الساقط مثل ما حدث في ملعب العباسيين في العاصمة السورية ، فمع تخفيف القيود على الاستيراد والتحويلات، سيكون من الممكن :
https://youtu.be/rdECWEGqeX4 


وثائقي نشر في عام 2025  الخاص بقنوان بي أن سبور عن دمار المنشآت الرياضية في سورية



ترميم الملاعب والصالات المتوقفة وافتتاح الملاعب والصالات الرياضية الجديدة المستوفية للمعايير العالمية ، وفق مصدر في الاتحاد الرياضي العام في سوريا، يقدر عدد الصالات الرياضية المغلقة الصالحة للاستعمال بما لا يتجاوز 90 صالة على مستوى المحافظات، ومن أصل 32 ملعبًا رئيسيًا، هناك أكثر من 60% غير صالح للاستخدام بسبب الأضرار أو الإهمال.
شراء معدات وتجهيزات رياضية حديثة .


إنشاء أكاديميات خاصة بالتعاون مع جهات دولية ، وذلك في سبيل تطوير المواهب وتأسيس جيل جديد قادر على النهوض بالرياضة السورية في مختلف الرياضات الفردية والجماعية .

 

عودة الكفاءات وتبادل الخبرات :

 

عودة الرياضيين والمدربين من الخارج.


استقطاب خبراء ومدربين دوليين.


تنظيم ورش عمل واتفاقيات تبادل مع اتحادات إقليمية.

 

آفاق الجديدة للرياضة السورية :


أولاُ: الاندماج مجددًا في المنظومة الرياضية الدولية وتقليص الهوة مع الخارج وذلك ينعكس كم خلال :


استضافة بطولات عربية وآسيوية.


أعادة تهيئة الملاعب والصالات الرياضية لتصبح موافقة للمعاييرالعربية والعالمية . 


الانضمام إلى برامج دعم دولية من الاتحادين الآسيوي والدولي.


المشاركة دون عوائق في البطولات الخارجية.

 

 

بمشاركة 40 لاعباً من 16 دولة بينهم أعضاء في السفارات والبعثات الدبلوماسية انطلاق الدورة الدبلوماسية لتنس الطاولة في مدينة الجلاء الرياضية بدمشق 16.05.2025

 

ثانياً:  تشجيع الاستثمار الرياضي


مما لاشك أن الرياضة مثلها مثل باقي القطاعات تعتمد في تطورها بشكل كبير على الاستثمار، و بعد إزالة القيود المفروضة وأعادة رسم قوانين تشجع على الاستثمار وتذليل العقبات أمام المستثمرين، مما يشجع  على الاستثمار وينعكس ذلك على :


إنشاء أندية خاصة أو أكاديميات.


صيانة وإنشاء ملاعب ومنشأت رياضية وجعلها بمواصفات عالمية .


تنظيم بطولات محلية بإشراف شركات راعية دولية.


تطوير رياضات جديدة غير منتشرة محليًا (مثل البادل، الفنون القتالية، الرياضات الإلكترونية).

 

ثالثاً :إطلاق مشاريع تنموية للشباب


مع رفع العقوبات ومع تسمية وزارة الشباب ودمجها بالرياضة تتجه الأنظار لمكون الشباب القادرعلى صنع الفارق ورسم ملامح الرياضة وتطويرها من خلال الاستثمار بهم والاستفادة من جهودهم  وإعادة القيام ب :

 

الشراكة مع اليونيسف والأمم المتحدة لدعم البراعم والصغار فعم بناة الأجيال.


مشاريع لتمكين المرأة رياضياً .


إدماج الرياضة في برامج الصحة النفسية والتعليم.

 


بيان صادر عن وزارة الرياضة والشباب          
 

              
التحديات التي ما زالت قائمة


رغم  كل هذه الإيجابيات التي ذكرناها وتوقعناها في حال الاستفادة من هذه المرحلة الحالية بالطريقة المثلى، لا تزال هناك عراقيل تتطلب العمل عليها، ولعل أهمها مثل:
البنية التحتية المتهالكة تتطلب استثمارات ضخمة.


ضعف الحوكمة والبيروقراطية داخل المؤسسات الرياضية ودون وجود خطة حقيقية إلى الآن في رسم ملامح المرحلة القادمة .


الحاجة إلى قوانين جديدة تشجع الشراكة مع القطاع الخاص.


ضرورة خلق بيئة إعلامية وترويجية احترافية للمسابقات وضعف التسويق الرياضي .


تغييب الكفاءات من مواقع صنع القرار.


الخاتمة :


رفع العقوبات الأميركية عن سوريا قد لا يكون حلاً سحريًا، لكنه يمثل فرصة استراتيجية نادرة لإعادة إحياء الرياضة السورية، فالاستثمار في البنية، واستعادة الكفاءات، والانفتاح على العالم، تمثل أعمدة بناء مستقبل رياضي واعد. ولتحقيق ذلك، لا بد من من تضافر الجهود والقيام بتنسيق وطني حقيقي، يُقدّم مصلحة الرياضة فوق الاعتبارات الأخرى، ويضمن عودتها للحياة والمنافسة.

التعليقات (0)