أسرى تحت القهر والتجويع: واقع اعتقالي ممنهج

أكثر من 10,400 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال: أطفال ونساء تحت نير القمع الإسرائيلي

profile
  • clock 4 يونيو 2025, 2:52:04 م
  • eye 410
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في مشهد يعكس اتساع دائرة القمع والانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، تجاوز عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي حاجز 10,400 أسير حتى مطلع يونيو/حزيران 2025. وتشمل هذه الأرقام المعتقلين في السجون ومراكز الاحتجاز الرسمية، ولا تضم أولئك المحتجزين في المعسكرات العسكرية، لا سيما من أبناء قطاع غزة، ما يرجّح أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير.

أسرى تحت القهر والتجويع: واقع اعتقالي ممنهج

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز آلاف الفلسطينيين وسط ظروف اعتقال قاهرة يتخللها التعذيب والتنكيل والتجويع، ما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية بحسب معايير القانون الدولي. وتمارس إدارة السجون الإسرائيلية سياسة عقابية ممنهجة، تهدف إلى إذلال المعتقلين وكسر إرادتهم، في غياب تام لأي رقابة دولية فعّالة.

المرأة الفلسطينية خلف القضبان: 49 أسيرة في ظروف قاسية

حتى تاريخ 4 يونيو 2025، بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال 49 أسيرة، بينهن 8 معتقلات محتجزات تحت طائلة الاعتقال الإداري، أي دون توجيه تهم رسمية أو محاكمات، في انتهاك فاضح للعدالة الدولية ومعايير المحاكمات العادلة.

وتخضع الأسيرات لشروط احتجاز قاسية تشمل العزل الانفرادي، الحرمان من الزيارات، وسوء المعاملة الطبية، في محاولة لتجريدهن من الكرامة الإنسانية.

الأطفال الأسرى: 440 طفلاً ضحية الاعتقال والتعذيب

لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمعن في استهداف الطفولة الفلسطينية، حيث تجاوز عدد الأطفال الأسرى 440 طفلاً مع بداية شهر حزيران 2025. ويتم احتجاز الأطفال في ظروف صعبة، ويتعرضون لأشكال متنوعة من التعذيب النفسي والجسدي، بما في ذلك الحرمان من النوم، التحقيق الليلي، والتهديد بالاعتداءات، وكل ذلك في خرق سافر لاتفاقية حقوق الطفل التي تُعد إسرائيل طرفًا فيها.

الاعتقال الإداري: عقوبة بلا تهمة

يستخدم الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كأداة قمع جماعي، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3562 معتقلاً حتى بداية يونيو. ويتم اعتقال هؤلاء دون لوائح اتهام، وبأوامر صادرة عن ضباط المخابرات، ما يحوّل الاعتقال إلى سجن مفتوح دون سقف زمني، في تغييبٍ متعمد للعدالة، واستغلال فاضح للثغرات القانونية.

معتقلو غزة: تصنيف "المقاتلين غير الشرعيين" لتجريد الأسرى من حقوقهم

في تطور خطير، واصل الاحتلال استخدام تصنيف "المقاتلين غير الشرعيين" ضد آلاف من معتقلي قطاع غزة، وهو تصنيف يُسقط عن الأسير كل حقوقه القانونية والإنسانية. وبلغ عدد المعتقلين الغزيين المصنفين ضمن هذا الإطار 2214 معتقلاً، فيما تُشير التقديرات إلى وجود آلاف آخرين محتجزين في معسكرات عسكرية لا تتوفر عنها معلومات دقيقة.

ويُعد هذا التصنيف وسيلة قانونية للتهرب من الالتزام باتفاقيات جنيف، ويُبرّر استمرار الاحتجاز دون محاكمة، أو إشراف قضائي مستقل، ما يجعل من هؤلاء الأسرى رهائن رسميين تحت غطاء قانوني زائف.

أداة استراتيجية في مشروع الاحتلال: الاعتقال كسلاح سياسي

تُظهر المعطيات الأخيرة أن سياسة الاعتقال لم تعد مجرّد إجراء أمني بالنسبة للاحتلال، بل تحوّلت إلى أداة مركزية في مشروع السيطرة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. فالاعتقال الجماعي والمتكرر يُستخدم لكسر المجتمعات الفلسطينية، وزرع الخوف، وتجريد النضال من رموزه.

والأخطر من ذلك، هو الصمت الدولي المريب تجاه هذه الانتهاكات، وغياب المساءلة الجدية رغم الخروقات المتكررة لاتفاقيات جنيف والمواثيق الحقوقية الدولية. فحتى اليوم، لم تُحاسب إسرائيل على جرائم الاعتقال الإداري، ولا على تعذيب الأطفال، ولا على حرمان الأسيرات من الرعاية الطبية.

 مأساة تتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً

تدلّ هذه الأرقام الصادمة على اتساع رقعة الاستهداف الإسرائيلي للفلسطينيين دون تمييز بين رجل وامرأة، بين طفل ومدني، بين مقاوم وأسير. ويؤكد الواقع أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم السجون كأداة حرب نفسية وجسدية ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي تحركًا عاجلاً لإنقاذ ما تبقى من معايير العدالة والإنسانية.

التعليقات (0)