آفي أسكينازي: حماس نجحت في فرض روايتها الإنسانية وحاصرتنا أخلاقيا

profile
  • clock 28 يوليو 2025, 11:50:11 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

كشفت صحيفة "معاريف" العبرية، عبر تقرير للمحلل العسكري آفي أشكنازي، أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بما فيها الناطق باسم الجيش وقيادة المنطقة الجنوبية، نظّمت مؤخرًا زيارة استعراضية لعشرات الصحفيين من إسرائيل والعالم إلى معبر كرم أبو سالم، جنوب قطاع غزة، حيث عرضت شحنات المساعدات التي يفترض أن توزّعها الأمم المتحدة على السكان.

وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن الشحنات تشمل طحين وزيت وأرز ومعكرونة ومنتجات أطفال ومعلبات، وتقدّر كميتها بما يعادل حمولة 1000 شاحنة، تكفي -وفق ادعاء الجيش- لتغطية احتياجات سكان غزة لمدة أسبوعين ونصف. لكن خلف هذه المشاهد المُنظّمة، تقرّ تل أبيب بأن إسرائيل انزلقت إلى مستنقع غزة أكثر فأكثر، فيما تتحطم صورتها الدولية وتنهار هيبتها العسكرية والسياسية.

إدارة فاشلة ورواية خاسرة

يرى أشكنازي أن حركة حماس نجحت في فرض روايتها الإنسانية، إذ باتت صور الأطفال الجائعين في غزة تنتشر في العالم وتحاصر إسرائيل أخلاقيًا. الصحفيون الأجانب في تل أبيب، كما يقول، يؤكدون أن ما يُشاهده الجمهور في أوروبا وأمريكا عن غزة يبعد سنوات ضوئية عمّا يُبث في الإعلام الإسرائيلي المحلي. ويصف إدارة الحرب من قِبل نتنياهو بأنها فشل ممنهج تجاوز حدود الهواية، إلى تقاعس يصل حدّ الجريمة.

فقد دخلت إسرائيل الحرب حاملةً "أعدل قضية" -كما زعمت- وبدعم دولي غير مسبوق، لكنها فشلت في التخطيط ووضع أهداف واضحة، كما فشلت في إدارة المفاوضات بشأن الأسرى، وانتهجت سياسة تغيّر الأهداف والخطط دون أي استراتيجية متماسكة، وكل ذلك -وفق الكاتب- من أجل الحفاظ على البقاء السياسي لحكومة نتنياهو، التي تتخبط في قراراتها وفق مصالح ضيقة، تقودها حسابات تحالفات برلمانية مهزوزة.

فضيحة المساعدات

المفاجأة الكبرى، كما يزعم أشكنازي، أن إسرائيل ساهمت فعليًا في تمويل حماس بعد 7 أكتوبر، وذلك من خلال إدارتها الكارثية لملف المساعدات. فبينما تعمد إلى تقليص إدخال المواد الغذائية، تُسهّل فعليًا سيطرة حماس على الأسواق. فـمخازن الحركة ممتلئة، وشاحنات المساعدات -وفق الكاتب- تُنهب بلا رادع، فيما تتحكم حماس في أسعار السوق الغذائي داخل غزة، وتستخدم ذلك لتعزيز سطوتها على السكان.

ويتابع أشكنازي: كان بإمكان إسرائيل إنهاء تبعية السكان لحماس ببساطة، من خلال إغراق القطاع بالمساعدات، ما كان سيُفقد الحركة أي قدرة على التحكم أو الاحتكار. لو أدخلت إسرائيل 2000 شاحنة يوميًا، ووزعت الطحين والأرز والزيت والمعلبات في كل زاوية، لانهارت قدرة حماس على بيع هذه المواد، ولتحوّل فائض الإمدادات إلى ضربة استراتيجية.

لكن بدلًا من ذلك، اختارت إسرائيل نهج الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي رأى في تقليص الإمدادات وسيلة لدفع السكان جنوبًا، فيما تصرّ القيادة على معادلة "تجويع منظم" ينهار تحت وطأة الكارثة الإنسانية والضغط الدولي.

حماس أقوى.. والجيش يتآكل

يرى الكاتب أن حماس اليوم في أقوى موقف لها منذ بدء عملية "عربات جدعون". لقد استثمرت الأخطاء الإسرائيلية وحولتها إلى مكاسب، وأدركت أن حرب الاستنزاف تُضعف الجيش يومًا بعد يوم، مع تزايد الإصابات والاحتكاك والضغط النفسي. كما تدرك أن نقص الغذاء يعزز سيطرتها الشعبية، وأن الضغط الدولي سيجبر إسرائيل على التراجع في المفاوضات، وسط حالة تآكل داخلي مستمر.

أما محاولة إسرائيل استعراض شاحنات الغذاء، فلا تعدو كونها استعراضًا أجوفًا، إذ أعادت تل أبيب وفدها من مفاوضات الدوحة دون إحراز تقدم. ليبقى السؤال الحقيقي -كما يختتم أشكنازي-: "من يجلس خلف عجلة القيادة؟ هل نحن على طريق الخروج من مستنقع غزة؟ أم نسير أعمق نحو الغرق؟".

التعليقات (0)