مع ضغوط الاعتراف بدولة فلسطين

ويتكوف يزور رفح لتسويق "مؤسسة غزة" وسط تصاعد المجاعة

profile
  • clock 1 أغسطس 2025, 10:07:08 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

زار المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اليوم الجمعة، مركز توزيع مساعدات "مؤسسة غزة الإنسانية" في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، برفقة السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، في محاولة جديدة للترويج لآلية التوزيع الأمريكية المثيرة للجدل، وسط تصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة كارثية وانهيار إنساني غير مسبوق في القطاع المحاصر.

بين المجاعة والتفاوض

الزيارة جاءت بعد يوم واحد من لقاء ويتكوف برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، حيث ناقشا سبل "تحسين الوضع الإنساني" في غزة، بحسب ما أوردته مصادر إعلامية عبرية، بينما تؤكد تقارير حقوقية وأممية أن سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل بدعم أمريكي هي السبب المباشر في الكارثة الإنسانية المتصاعدة.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس، تعليقًا على مهمة مبعوثه: "نريد أن نضمن حصول الناس على الطعام"، مشيرًا إلى أن ويتكوف وهاكابي سيرفعان له تقريرًا مفصلًا عن الوضع في القطاع بعد الزيارة. وأضاف ترامب: "الناس في غزة يعانون من جوع شديد، وما يجري هناك مروّع بكل المقاييس".

تمسك إسرائيلي بـ"المؤسسة الأمريكية"

ورغم أن حركة حماس تطالب بتفكيك آلية توزيع المساعدات الحالية كجزء من مطالبها في أي صفقة تبادل أسرى، تصرّ إسرائيل على إبقاء "مؤسسة غزة الإنسانية" قيد التشغيل. وذكرت إدارة ترامب اليوم أن إسرائيل تبرعت بمبلغ 30 مليون دولار لدعم الصندوق، في خطوة تهدف لتثبيت هذه الآلية كأمر واقع على الأرض.

وتُواجه هذه المنظومة اتهامات من منظمات فلسطينية ودولية بأنها جزء من مخطط سياسي لإنهاك السكان ودفعهم إلى النزوح القسري، عبر استخدام الغذاء كسلاح، وحرمان العائلات من حقها في الحصول على المساعدات من خلال قنوات وطنية ومحايدة.

"المحاولة الأخيرة" لصفقة الأسرى

التحرك الأمريكي الجديد يأتي في ظل جمود تام في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ووسط ضغوط داخلية وخارجية على حكومة نتنياهو لإنهاء الحرب المتواصلة منذ أكتوبر 2023، والتي خلّفت أكثر من 206 آلاف شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال، إلى جانب مجاعة شاملة شملت شمال القطاع وجنوبه.

وتُعد زيارة ويتكوف هذه الثانية إلى إسرائيل خلال أقل من ثلاثة أشهر، حيث كانت زيارته السابقة في مايو الماضي بهدف إطلاق سراح الأسير الأمريكي عيدان ألكسندر، وهو ما لم يتحقق آنذاك.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمريكية أن هذه الجولة الدبلوماسية تُعد "المحاولة الأخيرة" للتوصل إلى اتفاق شامل قبل أن تتحول الحرب إلى مرحلة أكثر دموية أو توسعًا إقليميًا.

ضغط شعبي متصاعد

بالتزامن مع زيارة ويتكوف، شهد محيط مكتب نتنياهو في القدس المحتلة تظاهرة نظمتها عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، حيث رفعت الأمهات لافتات كتب عليها: "الأم لن تستسلم أبدًا"، في إشارة إلى الغضب الشعبي المتنامي من مماطلة الحكومة في إنجاز صفقة تعيد الأسرى.

وتشير التقارير إلى أن حكومة نتنياهو تواصل رفض شروط حماس المتعلقة بإنهاء العدوان وانسحاب الجيش، وتطرح بدائل سياسية غير واقعية، بينما تؤكد أوساط المعارضة أن رئيس الوزراء يستخدم ملف الحرب للبقاء في الحكم، ويخشى من انسحاب المتطرفين من حكومته في حال أوقف العمليات العسكرية.

خلفية إنسانية مأساوية

وتأتي هذه التطورات في ظل كارثة إنسانية متفاقمة، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 1200 فلسطيني استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات عبر صندوق التوزيع المدعوم إسرائيليًا، نتيجة إطلاق النار المباشر أو الفوضى المفتعلة خلال التوزيع، بينما توفي عشرات الأطفال جوعًا أو بسبب الجفاف، بحسب تقارير مستقلة.

وتحذر منظمات دولية – بينها "إن بي سي" و"أطباء بلا حدود" و"يونيسف" – من أن "الفرصة تتلاشى لمنع الموت الجماعي في غزة"، مشيرة إلى أن "بعض الأطفال الذين ينجون من سوء التغذية قد يواجهون أضرارًا جسدية وعقلية دائمة طوال حياتهم".

صراع المعادلات

في المحصلة، تتقاطع زيارة ويتكوف مع صراع معادلات متضارب: ضغوط سياسية على نتنياهو من الداخل، حملة اعترافات غربية متسارعة بدولة فلسطين، جمود في التفاوض، وكارثة إنسانية تُحرج حتى أقرب حلفاء إسرائيل.

ووسط هذا المشهد، يُنظر إلى زيارة المبعوث الأمريكي بوصفها محاولة لاحتواء الانهيار الأخلاقي والسياسي الذي تواجهه إسرائيل أمام العالم، في وقت باتت فيه صور المجاعة والدمار أقوى من كل الروايات الرسمية والدعائية.

التعليقات (0)