وداعًا لطفي لبيب: رحيل هادئ لفنان عظيم غاب عن الأضواء وحضر في القلوب

profile
  • clock 30 يوليو 2025, 1:29:20 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

غيب الموت، صباح اليوم الأربعاء، الفنان المصري القدير لطفي لبيب عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه مسيرة فنية ممتدة عبر عقود، قدّم خلالها أكثر من 200 عمل فني في السينما والمسرح والتلفزيون، امتزج فيها الأداء الكوميدي بالوقار الإنساني، وخلّد فيها شخصيات لا تُنسى في وجدان المشاهد العربي.

وأكد نقيب المهن التمثيلية، الدكتور أشرف زكي، أن الوفاة جاءت نتيجة تدهور حاد في الجهاز التنفسي، عقب إصابته بالتهاب رئوي شديد تطوّر إلى نزيف رئوي، استدعى وضعه على أجهزة التنفس الصناعي خلال الأيام الأخيرة من حياته، بينما تم منع الزيارة عنه حفاظًا على استقرار حالته، قبل أن يُعلن الأطباء وفاته رسميًا صباح اليوم. ومن المقرر أن تُشيّع جنازته من القاهرة، على أن تُعلَن لاحقًا تفاصيل العزاء.

موهبة متأخرة… لكنها لامعة

وُلد لطفي لبيب في 18 أغسطس 1947 في محافظة بني سويف، ودرس الآداب قبل أن ينتقل إلى المعهد العالي للفنون المسرحية ويتخرج فيه عام 1970. غير أن التحاقه بالخدمة العسكرية لمدة ست سنوات أرجأ انطلاقته الفنية، حيث شارك في حرب أكتوبر 1973، وهي تجربة تركت بصمتها لاحقًا في أعماله، أبرزها مشاركته في كتابة "الكتيبة 26" المستلهم من يومياته العسكرية، والذي نشره لاحقًا في كتاب دون أن يُحوّل إلى فيلم.

ورغم تأخره، بدأت مسيرته الحقيقية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تألق في أدوار ثانوية محورية، عُرف خلالها بقدرته على تجسيد شخصية الأب المصري والدبلوماسي والمسؤول الحكومي، ممزوجة بحس ساخر رفيع. لم يكن "النجم الأول" بالمعنى التقليدي، لكنه كان أحد أعمدة الدراما المصرية التي لا تنهض بدون وجوده.

محطات خالدة… وغياب صامت

من بين أشهر أدواره التي رسخت في الذاكرة، تجسيده شخصية "السفير الإسرائيلي" في فيلم السفارة في العمارة (2005) أمام عادل إمام، وهو الدور الذي أظهر فيه مهارة استثنائية في توصيل السخرية السياسية دون مباشرة. كذلك شارك في أفلام بارزة مثل كده رضا، واللمبي، وأمير البحار، إلى جانب أعمال تلفزيونية مثل الرحايا وصاحب السعادة وعفاريت عدلي علام، بالإضافة إلى أدوار كثيرة في المسرح والدراما الاجتماعية.

وفي عام 2017، أصيب بجلطة دماغية تركت أثرًا دائمًا على صحته، وتبعها عملية دقيقة في الحنجرة أثّرت على صوته، ما دفعه إلى الانسحاب التدريجي من الحياة الفنية. آخر ظهور فني له كان في فيلم أنا وابن خالتي، الذي صُوِّر عام 2024، قبل أن تغلق عليه الستارة بهدوء، كما عاش دائمًا، بعيدًا عن الصخب.

صوت دفين في ذاكرة جيل

لم يكن لطفي لبيب مجرد ممثل، بل كان صوتًا خافتًا للضمير المصري، وأحد أبرز من جسدوا التحولات الاجتماعية والسياسية على الشاشة. ترك أثرًا عميقًا رغم أنه لم يسعَ للبطولة المطلقة، فاختار أن يكون حاضرًا في كل بيت، لا بوهج الشهرة، بل بصِدق الموهبة وإنسانية الأداء.

رحيله اليوم لا يُعد خسارة لفنّ مصري أصيل فحسب، بل هو رحيل لملامح زمن كامل، كان فيه الممثل الكبير جزءًا من الهوية الفنية التي تجمع الناس على المعنى.

وداعًا لطفي لبيب… الفنان الذي لم يحتج نجومية ليتربع على عرش المحبة.

التعليقات (0)