تضارب بشأن السيطرة على النهود

ميليشيات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري والأبيض

profile
  • clock 2 مايو 2025, 11:09:23 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الدعم السريع استهدف القصر الجمهوري من جنوب أم درمان (الجزيرة)

جددت ميليشيات الدعم السريع صباح اليوم الجمعة قصفها المدفعي على مواقع الجيش السوداني في القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم، بينما شنت مسيّرات تابعة لها هجمات على مدينة الأبيض في شمال كردفان. يأتي ذلك في ظل أنباء متضاربة بشأن السيطرة على مدينة النهود، التي تمثل العاصمة الإدارية المؤقتة لولاية غرب كردفان، وسط تصعيد لافت للعمليات العسكرية بين الطرفين.

استهداف مباشر للقصر الجمهوري ومقر وزارة المعادن

وأكد مصدر عسكري في الجيش أن القصف المدفعي الذي نفذته ميليشيات الدعم السريع صباح اليوم انطلق من حي الصالحة جنوبي مدينة أم درمان، وتركّز على محيط القصر الجمهوري في وسط الخرطوم. وأوضح المصدر أن القصف لم يسفر عن خسائر بشرية أو مادية كبيرة، لكنه يعكس استمرار الدعم السريع في استهداف المواقع السيادية في العاصمة.

وكانت ميليشيات الدعم السريع قد نفذت، يوم أمس الخميس، قصفًا مماثلًا استهدف القصر الجمهوري أيضًا، مستخدمة قذائف مدفعية بعيدة المدى. وقد طال القصف حينها كذلك مقر وزارة المعادن في المنطقة الحكومية بالعاصمة، ما يبرز اتجاهًا متصاعدًا في محاولات استنزاف الجيش عبر استهداف المراكز الحساسة للحكم ومؤسسات الدولة.

ضربات مسيّرة على الأبيض وتصاعد التوتر في كردفان

وفي تطور لافت غرب البلاد، أكد مصدر عسكري أن طائرة مسيّرة تابعة لميليشيات الدعم السريع قصفت مدينة الأبيض في شمال كردفان، في وقت متأخر من مساء أمس الخميس. وذكر شهود عيان من المدينة أنهم رصدوا أعمدة دخان كثيفة تتصاعد من أحد المقار العسكرية التابعة للجيش، بعد تنفيذ الهجوم.

الهجوم على الأبيض يعكس سعي الدعم السريع إلى توسيع جبهة الاستنزاف خارج العاصمة، وتوجيه رسائل عسكرية في عمق مناطق لا تزال تخضع لسيطرة الجيش، في وقت تشهد فيه كردفان ودرافور مواجهات حاسمة على الأرض.

صراع السيطرة على النهود: روايتان متضاربتان

وفي سياق متصل، أعلن الناطق الرسمي باسم ميليشيات الدعم السريع، الفاتح قرشي، أن قواتهم سيطرت بالكامل على مدينة النهود، وهي واحدة من أكبر مدن ولاية غرب كردفان جنوبي السودان. وفي تسجيل مصوّر من أمام مقر محلية النهود، قال قرشي إن الدعم السريع بصدد فرض سيطرتها على كامل مدن الولاية.

لكن رواية الجيش السوداني جاءت مخالفة تمامًا. فقد صرّح مصدر عسكري رفيع أن الدعم السريع دخلت بالفعل جزءًا من مدينة النهود، لكنه شدد على أن الحامية العسكرية التابعة للجيش لا تزال صامدة في المدينة، وتخوض مواجهات عنيفة لصدّ تقدم الدعم السريع.

وكانت اشتباكات ضارية قد اندلعت، يوم أمس الخميس، بين الجانبين في محيط النهود، في الوقت الذي يسعى فيه كل طرف لإثبات سيطرته على المدينة، التي اكتسبت رمزية كبيرة بعد أن أصبحت العاصمة الإدارية المؤقتة لغرب كردفان، لا سيما بعد فقدان الجيش لمدينة الطفولة في يوليو/تموز 2024 لصالح ميليشيات الدعم السريع.

المشهد الميداني: تراجع نسبي للدعم السريع في مقابل تمدد للجيش

تعود الحرب بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع إلى منتصف أبريل 2023، وخلال أكثر من عام، خلفت المعارك أكثر من 20 ألف قتيل وفق بيانات الأمم المتحدة والسلطات المحلية. أما تقديرات بحثية أصدرتها جامعات أميركية حديثًا، فقدّرت عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص، ما يعكس الكلفة الدموية الضخمة للنزاع المستمر.

كذلك، تسببت الحرب في نزوح ولجوء نحو 15 مليون شخص، ما جعلها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم حاليًا. ويعاني السودان من شلل تام في الخدمات، وانهيار في المؤسسات، وتفكك تدريجي في البنية السياسية والاجتماعية.

في الآونة الأخيرة، شهدت خريطة السيطرة تحولات لافتة، إذ تراجعت مساحات سيطرة الدعم السريع لصالح الجيش السوداني، الذي سجل تقدمًا كبيرًا في العاصمة الخرطوم، واستعاد القصر الجمهوري ومقار الوزارات في محيطه، إضافة إلى المطار وعدد من المقرات الأمنية والعسكرية.

مناطق النفوذ: الدعم السريع محاصر في أربع ولايات فقط

وفق التطورات الميدانية، لم تعد ميليشيات الدعم السريع تسيطر إلا على أجزاء من ولايتي شمال وغرب كردفان، بالإضافة إلى جيوب متفرقة في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق، وبعض المناطق في أربع من ولايات إقليم دارفور. أما في الولايات الـ17 الأخرى، فقد نجح الجيش السوداني في فرض سيطرته الكاملة أو شبه الكاملة، ما أعاد التوازن العسكري لصالحه بعد شهور من الانكفاء في بداية الحرب.

هذه المعادلة المتحركة تعكس حالة كرّ وفرّ ميدانية، تتخللها حرب معلومات شرسة، وتسابق في الخطاب الإعلامي بين الطرفين لإثبات النفوذ الميداني وشرعية السيطرة، وسط غياب شبه تام لأي حل سياسي يلوح في الأفق.

التعليقات (0)