تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

كارثة بيئية وإشعاعية تلوح في الأفق

في أعقاب الهجمات الأمريكية على أبرز المواقع النووية الإيرانية، ارتفعت حدة التهديدات المتبادلة بين إيران و"إسرائيل"، وكان من أبرزها تلويح طهران بإمكانية استهداف مفاعل "ديمونة" النووي، وهو القلب النابض للبرنامج النووي الإسرائيلي غير المعلن رسميًا.

ولكن، ماذا قد يحدث في حال قررت إيران تنفيذ تهديدها؟ وما حجم الكارثة المحتملة؟

ديمونة: ترسانة نووية وسرية محاطة بتحصينات

تمتلك "إسرائيل" نحو 90 رأسًا نوويًا، حسب تقارير دولية، وتملك موادًا كافية لإنتاج ما يصل إلى 300 سلاح نووي إضافي. ويعتبر مفاعل "ديمونة" -الذي بُني منذ خمسينيات القرن الماضي بمساعدة فرنسية- حجر الأساس في قدرات تل أبيب النووية.

وتشير تقارير حديثة من "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام" إلى أن "إسرائيل" أجرت العام الماضي تجربة على نظام دفع صاروخي قد يكون مرتبطًا بصواريخ "أريحا" الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، ما يُظهر استمرار تل أبيب في تطوير قدراتها الردعية.

ما طبيعة مفاعل ديمونة النووي؟

يُعرف مفاعل "ديمونة" بأنه مفاعل "إنتاجي" (Breeder Reactor)، صُمم خصيصًا لإنتاج البلوتونيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية. يختلف هذا النوع من المفاعلات عن المفاعلات المدنية مثل "بوشهر" في إيران، إذ لا يحتوي على كميات كبيرة من الوقود النووي، ونسبة تخصيب اليورانيوم فيه منخفضة (أقل من 1%).

ورغم ذلك، يبقى المفاعل يحتوي على "ماء ثقيل" مشبع بمواد مشعة، ما يجعله عرضة لخطر الانفجارات والتسريبات في حال تعرض لهجوم صاروخي مباشر.

التحذيرات الدولية: استهداف ديمونة يعني كارثة شاملة

وكالة الطاقة الذرية الأمريكية حذّرت في وقت سابق من أن هجومًا واسع النطاق على مفاعل ديمونة قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي كارثي، إذ أن أي تسرب للماء الثقيل والمواد المشعة سيؤدي إلى حرائق وانفجارات تطلق سحبًا إشعاعية خطيرة محمولة بالرياح.

هذه السحب قد تنتقل إلى مناطق سكنية قريبة، مما يهدد حياة السكان والنباتات والحيوانات، وقد يؤدي إلى دمار بيئي طويل الأمد في منطقة لا تتجاوز مساحتها الحرجة 5 كيلومترات فقط، بحسب وكالة الطاقة الذرية الدولية.

سلاح ذو حدّين

استهداف مفاعل ديمونة قد يُمثّل ردًا رمزيًا أو استراتيجيًا من إيران على الهجمات الإسرائيلية، لكنه في المقابل يُهدد بجرّ المنطقة إلى كارثة إنسانية وبيئية هائلة لا تُحمد عقباها. فهو "سلاح ذو حدين"؛ قد يوجّه ضربة مؤلمة لإسرائيل، لكنه أيضًا قد يُفجّر أزمة إقليمية كبرى تتجاوز الحسابات العسكرية والسياسية.