-
℃ 11 تركيا
-
24 أغسطس 2025
لماذا اقتصر إعلان المجاعة على مدينة غزة فقط؟
الوضع الإنساني يتجاوز المعايير الدولية
لماذا اقتصر إعلان المجاعة على مدينة غزة فقط؟
-
23 أغسطس 2025, 3:45:14 م
-
415
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
أعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو المرصد العالمي المعتمد لمراقبة الجوع، يوم الجمعة، دخول محافظة غزة رسميًا مرحلة المجاعة. ويأتي هذا الإعلان بعد نحو عامين من العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023، وسط تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني والغذائي.
ويعد هذا الإعلان الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، والأول خارج القارة الإفريقية، ما أثار تساؤلات حول أسباب تأخر الإعلان، رغم الانعدام شبه الكامل للغذاء في القطاع منذ أشهر، نتيجة إغلاق المعابر وتدمير آلاف الدونمات الزراعية خلال العمليات العسكرية البرية.
التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي
يشرف على التصنيف المرحلي المتكامل 19 منظمة إنسانية وهيئات إقليمية، بالشراكة مع دول مانحة. ويستخدم كمرجعية دولية لتحديد شدة أزمات الجوع، اعتمادًا على بيانات ميدانية وتحليلات تقنية دقيقة. ويعتبر تصنيف المجاعة مؤشرًا خطيرًا على تدهور الوضع الإنساني في أي منطقة، ويستند إلى مؤشرات دقيقة تتعلق بسوء التغذية والوفيات الناتجة عنها.
وفيات بالجملة بسبب الجوع
أكدت وزارة الصحة في غزة تسجيل 273 حالة وفاة مرتبطة بالجوع وسوء التغذية حتى 22 أغسطس الجاري، بينهم 112 طفلًا. وفي الوقت نفسه، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 138 حالة وفاة، بينهم 25 طفلًا، وقعت خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر ذاته. هذه الأرقام تعكس حجم الأزمة الإنسانية التي يعانيها قطاع غزة، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والخدمات الصحية.
لماذا اقتصر التصنيف على مدينة غزة؟
أثار اقتصار إعلان المجاعة على مدينة غزة دون سائر محافظات القطاع، تساؤلات حول معايير التصنيف المرحلي. وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن المعايير تنطبق بالكامل على مدينة غزة، بينما حالت الظروف الميدانية دون جمع أدلة كافية في مناطق أخرى، رغم خطورة الأوضاع فيها.
ويستند التقرير إلى بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، التي تشير إلى أن 80% من مساحة القطاع خضعت لأوامر إخلاء أو عمليات عسكرية، بما يشمل رفح وشمال القطاع، في حين تخضع 92% من خان يونس لسيطرة إسرائيلية، و60% من مدينة غزة و40% من وسط القطاع لسيطرة عسكرية، ما يعيق وصول الفرق الفنية لتوثيق الحالة الإنسانية.
الوضع الإنساني يتجاوز المعايير الدولية
قال مدير عام وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، إن الإعلان الأممي جاء "متأخرًا جدًا"، مؤكدًا أن الوضع الإنساني في غزة يتجاوز المعايير الدولية وأن تداعياته قد تكون بعيدة المدى. وأضاف أن المجاعة تسببت في تشوهات خلقية لدى الأجنة، حيث سُجلت نسبة مرتفعة من الولادات غير المكتملة، ما سيؤثر على نمو الأطفال خلال السنوات الأولى ويشكل ضغطًا مستمرًا على القطاع الصحي.
وأشار البرش إلى أن الوزارة وثّقت، بالتعاون مع منظمات دولية، أكثر من 28 ألف حالة سوء تغذية، و35 ألف رضيع دون عمر السنة معرضون لخطر الوفاة، إضافة إلى 250 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من نقص الغذاء، وخمسة أضعاف هذا الرقم بين الفتية دون 18 عامًا. ومع ذلك، أكد أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع بالكامل، وأن آلاف الحالات لم تصل إلى المستشفيات، وأن وفيات عديدة لم تُسجل رسميًا.
معايير تصنيف المجاعة
وفقًا للتصنيف المرحلي، تُعلن المجاعة في أي منطقة إذا توفرت ثلاثة شروط رئيسية:
أن يعاني 20% على الأقل من السكان من نقص حاد في الغذاء.
أن يُسجل معدل وفاة يومي يبلغ شخصين من كل 10 آلاف بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة به.
أن يموت طفل من كل ثلاثة أطفال نتيجة سوء التغذية الحاد.
ويُعتمد في التقييم على مؤشرات مثل وزن الأطفال وطولهم، أو قياس محيط أعلى الذراعين عند تعذر القياسات الكاملة. وتعد بيانات برنامج الأغذية العالمي ومنظمات الإغاثة الأخرى مرجعًا أساسيًا في التصنيف.
الكارثة الإنسانية على الأرض
تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي مطلق، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت وفق إحصاءات مفتوحة 62 ألفًا و192 شهيدًا، و157 ألفًا و114 إصابة، وأكثر من 10 آلاف مفقود، مع مجاعة أودت بحياة العشرات، فيما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قسري ودمار شامل. هذا الوضع يعكس حجم الأزمة الإنسانية الكبرى التي تواجه القطاع، ويستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لتخفيف المعاناة.
النداء الدولي والمستقبل المأساوي
في ظل استمرار القصف ونقص الغذاء والمياه والخدمات الصحية، باتت الحاجة ملحة لتدخل دولي عاجل لتقديم المساعدات الإنسانية، وفتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والأدوية للقطاع. كما أن استمرار الحصار والخطر العسكري يهددان مستقبل الأجيال القادمة، ويجعل من الأزمة في غزة نموذجًا مأساويًا لما يمكن أن تسببه الحروب والصراعات المسلحة من مجاعات وكوارث إنسانية.









