تكبير الخط تصغير الخط

تحقيق مثير يبثّ للمرة الأولى عبر "القناة 13" العبرية

استعرض هاني الكنيسي الصحفي وأستاذ الإعلام الجماهيري وصحافة التلفزيون عبر صفحته “فيس بوك” حلقة استقصائية من برنامج "المصدر" بثّتها القناة 13 العبرية، كشف الفريق الصحفي الثلاثي رفيف دروكر، ألون بن دافيد، ونيريا كراوس، عن كواليس مثيرة تتعلق بعملية اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، التي وقعت في 27 سبتمبر 2024 في الضاحية الجنوبية لبيروت. التحقيق، الذي استند إلى علاقات خاصة بالفريق مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، بدا كدراما استخباراتية أكثر من كونه تقريرًا خبريًا، إذ تضمن لقطات استعراض وتحليل سياسي وعسكري معمق.

معلومات قديمة بصياغة جديدة

رغم الطابع المثير للتحقيق، إلا أن الكثير مما ورد فيه لم يكن جديدًا من حيث الحقائق الاستخباراتية. فقد أُعيد تقديم تفاصيل سبق وأن تم تداولها حول الطريقة التي تم بها رصد مكان نصر الله داخل أحد مباني الضاحية، أثناء اجتماع سري مع قادة حزبه لمناقشة تداعيات "غزوة البيجر". لكن الجديد نسبيًا تمثل في كشف تفاصيل المحادثات السرية التي دارت بين إدارة بايدن والقيادة الإسرائيلية، والتي أظهرت أن هناك محاولات للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد في الجبهة الشمالية، رغم التصريحات العدائية العلنية.

وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يبرر التأجيل

من أبرز ما ورد في التحقيق، ما قاله يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بأن قرار تأجيل اغتيال نصر الله عقب هجوم 7 أكتوبر كان صائبًا. وأضاف أن تنفيذ العملية حينها كان سيفتح جبهة جديدة غير محمودة العواقب. ويُذكر أن غالانت، الذي أُقيل بقرار مفاجئ من نتنياهو، يتكرر ظهوره الإعلامي كمحلل سياسي وجنرال متقاعد يروي "ما خلف الأحداث"

"اتفاق ضمني" بين حزب الله وإسرائيل؟

الجزء الأكثر إثارة في التحقيق كان اعتراف المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين بوجود اتفاق ضمني في بداية الحرب بين حزب الله وإسرائيل، يقضي بأن يقتصر القصف على أهداف عسكرية فقط. هذا الكشف يناقض مزاعم نتنياهو السابقة حول تورط حزب الله في الهجوم، وهي مزاعم رفضها مستشارو بايدن استنادًا إلى صور أقمار صناعية لحظية، ما تسبب في توتر بالغ بين الطرفين.

إجلاء المستوطنين: كارثة استراتيجية

كما أشار التحقيق إلى أن قرار إجلاء المستوطنات الشمالية الحدودية مع لبنان، وتركها كـ"مدن أشباح"، يُعد كارثة استراتيجية. مسؤوليتها تقع على عاتق نتنياهو ووزير دفاعه، بحسب الخبراء العسكريين الإسرائيليين الذين شاركوا في البرنامج.

تناقضات داخل الحكومة الإسرائيلية

من اللافت أيضًا، حجم التناقض الذي أظهره التحقيق بين خطاب نتنياهو المتشدد وشهادات المقربين منه. إذ وصفه بعض معاونيه بأنه "قائد متردد"، لا يرغب بتحمّل مسؤولية القرارات، ويكتفي بالظهور بعد النجاحات العسكرية فقط. وأقر فريق التحقيق أن غياب رواية نتنياهو الشخصية مثّل نقطة ضعف في التغطية، مبررين ذلك برفضه الإدلاء بتصريحات لجهات لا تواليه.

أزمة رهائن غزة وتدهور داخلي

اختتم التقرير بتسليط الضوء على الوضع الكارثي الذي تمر به إسرائيل حاليًا: إرهاق جنود الاحتياط، تراجع اقتصادي حاد، واستمرار احتجاز 59 مختطفًا في غزة. هذا إلى جانب حالة الشك الشعبي المتصاعدة بين الآمال بإبرام صفقة تبادل وبين تصريحات القيادة الإسرائيلية المتشددة.

ومع ذلك، اختار معدو التحقيق أن يختتموا حلقتهم بإشادة مثيرة للجدل بقرار نتنياهو اغتيال نصر الله، واصفين الخطوة بأنها "شجاعة سياسية"، رغم كل ما سبق من انتقادات.