تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في ندوة إلكترونية نظّمها مركز العودة الفلسطيني في لندن، أطلق الدكتور نِك ماينارد، استشاري جراحة الجهاز الهضمي والأورام في مستشفى جامعة أوكسفورد، صرخة مدوّية حول الوضع الصحي الكارثي في قطاع غزة، واصفًا ما شاهده خلال مهمته الإنسانية الأخيرة هناك بـ"الإبادة الجماعية المكتملة".

تدمير ممنهج للمنشآت الطبية في غزة

أكد الدكتور ماينارد أن الدمار الذي طال المستشفيات في غزة ليس عشوائيًا، بل هو استهداف مباشر وممنهج للبنية التحتية الطبية، بما في ذلك محطات المياه والغاز، وأجهزة التصوير الإشعاعي، وآلات الغسيل، مما أدى إلى شلل شبه تام في القطاع الصحي.

الجرائم بحق الطواقم الطبية: اغتصاب وتعذيب وقتل

وكشف الجراح البريطاني أن مئات الأطباء والعاملين الصحيين قُتلوا أو اختُطفوا وتعرضوا لتعذيب وحشي، مستشهدًا بحالة الدكتور عدنان البرش الذي تعرّض، وفقًا لشهادات موثقة، للاغتصاب والتعذيب حتى الموت. هذا الانتهاك الصارخ للمواثيق الدولية يُعد جريمة حرب تتطلب تحركًا دوليًا عاجلاً.

سياسة التجويع واستهداف المدنيين

أشار ماينارد إلى أن سياسة التجويع المفروضة على القطاع تفاقم الكارثة، مؤكدًا وفاة رُضع بسبب انعدام حليب الأطفال، ومصادرة إسرائيل شحنات غذائية أدخلها أطباء أمريكيون. كما وصف نقاط توزيع الطعام بأنها مصائد موت، حيث يتم إطلاق النار على المدنيين أثناء تجمعهم لتلقي الغذاء.

عمليات جراحية بلا تخدير: إنسانية معدومة

من أكثر الشهادات المروعة التي قدّمها الطبيب البريطاني، حديثه عن إجراء عمليات جراحية دون تخدير أو تعقيم، وذكر حالة طفلة تُدعى "آية" تعرّضت لكسر حاد، جُبرت ساقها دون أي نوع من المسكنات، في انتهاك صارخ لأبسط معايير الرعاية الصحية الإنسانية.

انتقاد صمت المؤسسات الطبية الدولية

انتقد ماينارد بشدة صمت المنظمات الطبية الدولية، مؤكدًا أن "من يصمت أمام هذه الجرائم شريك فيها"، واصفًا ما يجري في غزة بأنه إبادة جماعية تُنفذ على مرأى العالم، وليس مجرد نزاع مسلح.

دعوة للتحرك والتوثيق القانوني

في ختام الندوة، التي أدارتها الباحثة هيا النتشة، دعا المشاركون إلى مواصلة التوثيق والضغط القانوني والسياسي لوقف الجرائم في غزة، مؤكدين ضرورة الجمع بين توفير الغذاء والرعاية الطبية، محذرين من مضاعفات قاتلة قد تنجم عن إعادة تغذية المرضى دون إشراف طبي.

بطولات غزة: صمود رغم الألم

أعرب الدكتور ماينارد عن تأثره العميق بصمود شعب غزة وبطولة الطواقم الطبية، قائلاً إن هذه التجربة الإنسانية غيّرت نظرته للعالم، وجعلته أكثر ارتباطًا بالشعب الفلسطيني، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية.