تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في خطوة سياسية لافتة وسط تصاعد الغضب الدولي من الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن بلاده "مصممة على الاعتراف بدولة فلسطين"، مؤكدًا أن الاعتراف سيتم في إطار عمل مشترك مع الشركاء الأوروبيين والدوليين.

"عار يمس كرامة الإنسان"

خلال مقابلة مع قناة LCI الفرنسية، عبّر بارو عن صدمته من الوضع الإنساني في غزة، مشيرًا إلى استشهاد 500 فلسطيني وإصابة نحو 4000 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء خلال شهر مايو/أيار الماضي. واعتبر الوزير الفرنسي أن فقدان الأرواح أثناء توزيع الطعام "يمثل عارًا ويمس كرامة الإنسان".

وأكد أن فرنسا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، مستعدة للمساهمة الفعلية في تأمين عمليات توزيع الغذاء، ما يعكس اهتمام باريس بالمشاركة في تخفيف الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع المحاصر.

إسرائيل تُجبر الفلسطينيين على "الاختيار بين الجوع والرصاص"

بعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، تنفذ إسرائيل، منذ 27 مايو/أيار، خطة بدعم أميركي لتوزيع مساعدات محدودة في غزة. إلا أن الواقع الميداني يؤكد استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة المفرطة، إذ يطلق الجنود النار على الفلسطينيين أثناء اصطفافهم لتلقي المساعدات، في مشهد يصوّرهم وكأنهم أمام "خيار الموت جوعًا أو رميًا بالرصاص".

هذا السلوك الوحشي يتنافى مع جميع الأعراف الإنسانية، ويضع الاحتلال في مواجهة تنديدات متصاعدة من دول العالم ومنظمات حقوقية.

موجة اعترافات أوروبية متسارعة بدولة فلسطين

وجاءت تصريحات الوزير الفرنسي عقب قرار نرويجي-إيرلندي-إسباني مشترك في 22 مايو 2024، يقضي بالاعتراف رسميًا بدولة فلسطين اعتبارًا من 28 من الشهر نفسه. وهو ما يشير إلى تحوّل في المواقف الأوروبية تجاه الصراع، وإلى تنامي القناعة الدولية بضرورة إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم.

وقبل هذا التطور، كانت ثماني دول أوروبية قد اعترفت سابقًا بدولة فلسطين، وهي: بلغاريا، بولندا، التشيك، رومانيا، سلوفاكيا، المجر، السويد، وجنوب قبرص.

149 دولة تعترف بفلسطين وسط صمت دولي عن "الإبادة"

حتى الآن، تعترف 149 دولة من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، في حين تتجاهل بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، هذا الحق المشروع للشعب الفلسطيني.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل، بدعم أميركي، ما وصفته منظمات دولية وخبراء قانونيون بـ"الإبادة الجماعية" في قطاع غزة. وقد أسفرت هذه الجرائم عن سقوط نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، في ظل دمار هائل ومجاعة متفاقمة.

هل يصبح الاعتراف الدولي مدخلًا لإنهاء الاحتلال؟

في ظل هذا المشهد المأساوي، تبدو خطوة فرنسا نحو الاعتراف بدولة فلسطين مؤشرًا على تغيّر في التوجهات الدولية، وقد تكون مقدمة لتحول أوسع في مواقف الدول الكبرى. إلا أن الاعتراف، رغم رمزيته السياسية، يظل غير كافٍ ما لم يُترجم إلى إجراءات ملموسة توقف العدوان وتمنح الفلسطينيين حقهم المشروع في تقرير مصيرهم.