تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

 المستشفيات تحت النار: البنية الصحية تنهار

منذ بدء الحرب الشاملة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحوّلت المستشفيات إلى أهداف مباشرة للقصف، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يصنّف المرافق الصحية ضمن "البنى المحمية" أثناء النزاعات.

ووفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في 22 مايو الماضي، تم تسجيل 697 هجومًا على المرافق الصحية، مما أدى إلى خروج معظمها عن الخدمة بشكل كلي أو جزئي. وتشير الأرقام إلى أن 94% من مستشفيات القطاع تعرّضت لأضرار أو دُمرت، فيما لا يعمل حاليًا سوى 17 مستشفى، أغلبها يقدم فقط الرعاية الطارئة تحت ظروف كارثية.

 الشمال بلا رعاية.. والجنوب على وشك الانهيار

تؤكد التقارير أن شمال غزة جُرّد بالكامل من المستشفيات، بينما يواجه مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل في خان يونس خطر الإغلاق، ما يهدد بفقدان 490 سريرًا طبيًا إضافيًا، ويقلل عدد الأسرة المتاحة في القطاع إلى أقل من 1400 سرير لأكثر من مليوني نسمة، بنسبة انخفاض كارثية تصل إلى 40%.

 قصف مباشر وتعطيل ممنهج

أجبرت عمليات القصف الإسرائيلي أربعة مستشفيات رئيسية (كمال عدوان، الإندونيسي، حمد، غزة الأوروبي) على تعليق خدماتها. وتعمل بعض المستشفيات مثل "العودة" بطاقتها الدنيا، وسط تحذيرات من انعدام الأمن وتقييد الوصول، ما يهدد بإغلاقها الكامل.

اغتيال التعليم: المدارس أهداف عسكرية وخسائر بشرية فادحة

الأرقام تتحدث: طلاب ومدرّسون تحت القصف

في موازاة الإبادة الصحية، تعرّض قطاع التعليم في غزة لدمار هائل. وتشير بيانات وزارة التربية والتعليم العالي إلى استشهاد 16,470 طالبًا وإصابة أكثر من 25,000 آخرين، إلى جانب استشهاد 914 معلمًا وإداريًا.

 تدمير المدارس والجامعات: إلغاء المستقبل

تضررت 352 مدرسة حكومية، بينها 111 مدرسة دُمّرت بالكامل، إضافة إلى قصف 89 مدرسة تابعة للأونروا و91 مدرسة حكومية أخرى. كما تم تدمير 60 مبنى جامعيًا وتعرضت 20 مؤسسة تعليم عالٍ لأضرار جسيمة، بينما يواجه 788 ألف طالب في القطاع حرمانًا كاملاً من التعليم، وحرمت دفعتان من طلبة التوجيهي من تقديم الامتحانات.

 95% من المدارس تضررت.. والتعليم في مهب الريح

بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن 95.2% من المدارس تضررت، و88.5% من المباني التعليمية بحاجة لإعادة بناء أو ترميم جذري. كما لم تسلم المدارس في الضفة الغربية من الاقتحام والتخريب، حيث استُهدفت مدارس في جنين وطولكرم وسلفيت.

مجاعة وحصار شامل: غزة في قلب كارثة إنسانية غير مسبوقة

تفاقمت الكارثة الإنسانية في غزة مع إغلاق الاحتلال لجميع المعابر في 2 مارس 2025، ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود. وفي ظل هذا الحصار الخانق، تحولت الحياة إلى نمط بقاء يومي محفوف بالموت، وسط دمار شامل ونزوح قسري لمئات الآلاف.

وحتى الآن، خلفت حرب الإبادة أكثر من 185 ألف شهيد وجريح، إلى جانب 11 ألف مفقود، ومئات الوفيات بسبب المجاعة، فيما يعيش السكان وسط أوضاع مأساوية لا مثيل لها في التاريخ الحديث.

بهذا، تُظهر الوقائع أن الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف فقط مقاومة أو بنية تحتية، بل يخوض حربًا منظمة لإبادة الحياة المدنية في قطاع غزة، عبر تدمير المنظومتين الصحية والتعليمية، وتحويل السكان إلى رهائن في معركة وجود غير إنسانية.