-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
د. صلاح أبو غالي يكتب: حراك دراماتيكي وقفزة صهيوأمريكية جديدة باتجاه دول الهلال الخصيب
د. صلاح أبو غالي يكتب: حراك دراماتيكي وقفزة صهيوأمريكية جديدة باتجاه دول الهلال الخصيب
-
17 يوليو 2025, 7:58:45 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عودٌ على ذي بدء، بتنا نشهد حراكاً دراماتيكياً، وقفزةً جديدةً للأمام، هكذا بات المشهد داخل العمق السوري جهة القنيطرة وخاصة منطقة السويداء، حيث يتواجد الدروز بكثافة في محافظتي السويداء والقنيطرة في سوريا، وتعتبر السويداء هي المعقل الرئيسي للدروز في سوريا، ويُطلق عليها أحيانًا "جبل الدروز"، كما أن هناك تواجدًا درزيًا ملحوظًا في القنيطرة، خاصةً في الأجزاء التي كانت تحت الإدارة السورية قبل عام 1967.
فالجيش السوري ينظر إلى الخارطة الجيوسياسية على وجه العموم، ووجوب بسط سيطرته على جميع الأراضي السورية، "وعلى اعتبار وحدة الأراضي السورية مع عدم تعارض ذلك مع التَّكتُّلات الطائفية"، إلا أن هذه الخطوات لم ترق للخصوم، فالجميع له أهدافه التي تتعارض مع هذه الخطوات غير المسبوقة منذ تولِّي الشَّرع "الجولاني" رئاسة الدولة السورية.
لاعبون كثر في المشهد، ومع تبدُّل التحالفات، نشأت خطط جديدة تهدف تغيير وجه الشرق الأوسط ومن ضمنها سوريا، فالأطماع التوسعية لإسرائيل لا زالت على قائمة التنفيذ، كيف لا وجُلُّ هذه الأهداف تمَّت صياغتها ووضعها لتحقيق الحلم الكبير (مملكة داوود | إسرائيل الكبرى).
ومن جديد تطفو القضية الإيرانية على السطح، وما التَّذرُّع الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي بالنووي وسلسلة الأبحاث والمخزون النووي، والضغط على إيران لإجبارها على العودة للمفاوضات على قاعدة التخلِّي عن كامل إنجازاتها في هذا الملف، إلا لتفجير المشهد، ومحاولة عاجلة لقطع الطريق على إيران ومنعها من التدخُّل في الشَّأن السوري، على خلفية حماية الشيعة العلويين هناك، وتقطيع أوصال الإمتداد الشيعي بين إيران وسوريا ولبنان، كما سبقتها العراق، مع عدم التغافل عن أهداف السعودية المنبثقة عن حماية السُّنَّة، وتركيا التي دعمت وأتت بدعم صهيوأمريكي بقائد المرحلة الجديد " الشَّرع | الجولاني"، وعلى خلفية ذلك قضمت مساحات واسعة من الأراضي السورية، من أجل حماية عمقها الإستراتيجي، وقطع الطريق على إيران وإسرائيل في تلك الجغرافيا الممتدة هناك، وكلٌّ له أهدافه ومصالحه.
نتنياهو يقفز بقوة باتجاه سوريا للسيطرة على القنيطرة والسويداء "جبل الدروز"، بهدف حماية الدروز، ومن خلف ذلك يقبع هدف إقامة دويلة للدروز وحكم ذاتي فيها، وقد سبق ذلك السيطرة على جبل الشيخ، ومن قبلها بسنوات السيطرة على الجليل والجولان بعد 1967، وعلى الجهة الأخرى يقفز ترامب هذه المرة بإتجاه إيران، ويوجه رسالة قوية للشعب الإيراني بمغادرة طهران، وما ذلك إلا بدوافع قوية من قبل إسرائيل، من أجل إعادة الكرَّة من جديد، ونصب عينها قلب وتغيير نظام الحكم في إيران لينسجم ويتماشى مع أهداف المرحلة "شرق أوسط جديد"، وإرباك المشهد الإيراني، لمنع إيران وقطع الطريق عليها من النفاذ إلى المشهد السوري والإنشغال بذاتها وما يحدث على ساحتها من مستجدات.
على الجانب الآخر: حراك تفاوضي، في قطر بمشاركة مصر، وخلف الكواليس بتوجيهات أمريكية، مماطلة وتسويف إسرائيلي، وخرائط إعادة الإنتشار للجيش الإسرائيلي تعرقل كامل المفاوضات، وتعيق إتمام الصفقة، مع الظهور بمظهر الراغب بإتمامها، وإتهام حماس بعرقلتها، والإهتمام الأمريكي بسرعة الإنجاز، وما الهدف من وراء ذلك إلا محاولة إطفاء نيران الشارع الإسرائيلي، وتخفيف ضغط المعارضة، والهروب من ملفات القضاء ومحاكمته، وخشية الإطاحة بالحكومة وحل الكنيست، خاصة بعد إنسحاب ثلاثة أحزاب دينية من الإئتلاف الحاكم، وكذلك تخفيف الضغط الدولي الناجم عن الحرب التي تشنُّها إسرائيل في غزة، وبذلك يضمن تحويل كامل الأنظار بإتجاه الأحداث في سوريا، وتباعاً ما سيحدث في إيران.
وبين هذا وذاك، هناك الكثير من الساحات التي تنتظر عبثية المشهد، ويتم تحضير الخطط لذلك، وتم وضعها تحت المجهر، بالموازاة مع سلسلة إختراقات سياسية وأمنية وإقتصادية وتكنولوجية، من أجل السيطرة والتحكُّم المستقبلي لحظة التنفيذ، فلا زالت الساحات العراقية، والكويتية، واليمنية، والمصرية، والسودانية، والأردنية تنتظر على خارطة الإنتظار، أما الساحة اللبنانية فالحراك الأمني والعسكري لم يتوقف فيها ولم تستكمل جملة أهدافها بعد، وقد تلتحق بالمشهد السوري كإمتداد وعمق جغرافي إستراتيجي لإسرائيل، وأطماعها في المنطقة.
الخاتمـــة
وفق توصيف المشهد الجيوسياسي، فدول "الهلال الخصيب" والتي يشار إليها في الإصطلاح الجغرافي "منطقة الشرق الأوسط" وتتميز بخصوبة أراضيها ووفرة مياهها، ونشأت على أراضيها العديد من الحضارات القديمة، باتت أحد أهم الأهداف الحالية والمستقبلية لإسرائيل وأمريكا على حدٍّ سواء.
ولقراءة الخارطة الجيوسياسية بشكل من الوضوح، نرى أن دول الهلال الخصيب تشمل ما يلي من دول: العراق (بلاد الرافدين)، سوريا، لبنان، فلسطين (بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل)، الأردن.
ووفقاً لبعض المصادر، قد يشمل الهلال الخصيب أيضاً أجزاء من: تركيا (خاصة الأجزاء الجنوبية الشرقية التي تشمل منابع نهري دجلة والفرات)، إيران (الأجزاء الغربية أو الجنوبية الغربية)، مصر (خاصة منطقة شبه جزيرة سيناء ونهر النيل)، الكويت (شمال الكويت)، قبرص (في بعض الأحيان)، وقد شهدنا حركة النزوح اليهودية خلال الصراع مع إيران بإتجاهها وامتلاك عقارات وأراضي فيها.
ويُشار إلى أن الهلال الخصيب هو منطقة جغرافية تاريخية وليست حدوداً سياسية ثابتة، لذلك قد تختلف الدول المشمولة في التعريف قليلاً حسب السياق والدراسة، ورغم هذا الاختلاف فجميعها مشمولة في الخارطة الجيوسياسية والديموغرافية (لمملكة داوود | إسرائيل الكبرى).
وهنا تثار جملة من التساؤلات والتي تبحث في الحقائق عن إجابات:
🟥 هل نشهد تمزيق النَّسيج المجتمعي والجُّغرافيا السُّوريَّة على أساس طائفي، وإقامة دويلة وحكم ذاتي للدُّروز؟!
🟥 أم هي قفزة إسرائيلية للتَّوسُّع شرقاً وقضم مساحات واسعة من الأراضي السُّوريَّة بدعوى حماية الدُّروز، والهدف من خلفها خطوات جديدة تدعم وترسِّخ قيام مملكة داوود (إسرائيل الكبرى)؟!
🟥 وعَودٌ على ذي بدء، هل تحذو إيران حذو إسرائيل، والتَّدخُّل في الشَّأن السُّوري بدعوى حماية الشِّيعة وتطالب بدويلة لهم، ومن خلفها السُّعودية لحماية السُّنَّة وتطالب بحماية الأراضي السُّوريَّة؟!
🟥 ثم أين الدَّور التُّركي اللاعب الأبرز من مجمل الأحداث التي تدور على الأراضي السُّوريَّة، أليست هي من أدخلت الجُّولاني إلى هناك ودعمته، وقضمت مساحات كبيرة من الأراضي السُّوريَّة كعمق إستراتيجي لها؟!
🟥 أليس ما يدور بسوريا مخطَّط صهيوأمريكي تم إعداده مسبقاً بإزاحة الأسد، لتأتي بالجُّولاني ومهَّدت الطَّريق أمامه، من أجل العبث بخارطة الجُّغرافيا السِّياسيَّة للمنطقة، لخدمة الهدف الكبير (الشَّرق الأوسط الجَّديد)، والذي بدوره يخدم المطامع الصَّهيونيَّة بسوريا؟!
🟥 ومن ثم، ما الهدف من القفزة الأمريكية وفي هذا التوقيت الحرج بالذات بإتجاه إيران تارةً أخرى، والتهديد بضرب طهران ووجوب نزوح سكانها بشكل عاجل، أهو لإرباك المشهد كعنصر إلهاء عن ما يدور بسوريا وقطع الطريق عليها، أم بهدف الإطاحة بالنظام وتغييره بما يخدم الأهداف الصهيوأمريكية في المنطقة؟!
في الحقيقة إنَّ جميع الإجابات على جميع ما سبق تؤَصِّل لمفهوم واحد ووحيد، هو أنَّ تمزيق سوريا قائم لا محالة، وقطار الأطماع التوسُّعية إنطلق بإتجاه دول الهلال الخصيب دون توقُّف، وتعدَّدت الخصوم واللاعب الفائز واحد.








