ترامب في قاعدة العديد: استعراض للقوة وتأكيد على التحالف

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 15 مايو 2025, 12:16:28 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الرئيس دونالد ترامب يلوح بيده أثناء إلقائه كلمة على القوات الأمريكية خلال زيارة لقاعدة العديد الجوية في الدوحة، قطر، يوم الخميس. رويترز

في زيارة حملت طابعًا احتفاليًا أقرب إلى أجواء الحملات الانتخابية، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابًا أمام الجنود الأمريكيين في قاعدة العديد الجوية بقطر، التي تُعدّ أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. وجّه ترامب شكره للقوات المسلحة الأمريكية على دعمها السياسي، مشيدًا بما وصفه بـ"الدعم غير المسبوق" الذي يتلقاه من الجيش. قال: "لا أحد قدّم لنا دعماً مثل الجيش، لا أحد. لذلك، أودّ أن أشكركم جميعًا. شرف عظيم لي. شكرًا جزيلاً". ويُنظر إلى هذه التصريحات على أنها امتداد لأسلوب ترامب في مخاطبة القواعد العسكرية كجمهور مؤيد، مستغلًا المناسبة لتعزيز شعبيته بين الجنود والضباط.

قاعدة العديد: قلب الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط

قاعدة العديد، التي تضم أكثر من عشرة آلاف جندي أمريكي، لعبت على مدى أكثر من عقدين دورًا حيويًا في السياسة الخارجية الأمريكية. منذ أن استخدمتها القوات الأمريكية لأول مرة في عام 2001 خلال الحرب على طالبان والقاعدة في أفغانستان، أصبحت القاعدة مقرًا رئيسيًا لعمليات سلاح الجو الأمريكي في المنطقة. من هناك، جرت إدارة مهمات معقدة تشمل الحروب في العراق وأفغانستان، والضربات ضد تنظيم "داعش" في سوريا، بالإضافة إلى عمليات لوجستية ودعم جوي يشمل الطائرات المقاتلة والقاذفات الاستراتيجية والطائرات المسيّرة وناقلات التزود بالوقود في الجو. وتُعدّ مركز العمليات الجوية المشتركة في القاعدة عنصرًا أساسيًا في إسقاط القوة الأمريكية على امتداد 21 دولة من شمال شرق أفريقيا حتى جنوب ووسط آسيا.

شراكة استراتيجية بمليارات الدولارات

تعود جذور الوجود الأمريكي في القاعدة إلى عام 1996 حين أنشأت قطر القاعدة بهدف جذب التمركز العسكري الأمريكي. ومنذ ذلك الحين، أنفقت الدوحة أكثر من 8 مليارات دولار على تطوير القاعدة وتوسعتها. وتُستخدم القاعدة حاليًا من قبل الجيش القطري والقوات الجوية الملكية البريطانية أيضًا، في إطار تعزيز الشراكات العسكرية متعددة الأطراف. وفي لفتة رمزية للشراكة بين البلدين، رُفعت الأعلام القطرية والأمريكية إلى جانب المنصة التي ألقى منها ترامب كلمته، فيما عُرضت طائرة مسيّرة أمريكية من طراز "ريبر" إلى جانب مقاتلة قطرية من طراز F-15. وأعلن البلدان مؤخرًا عن اتفاق دفاعي يشمل استثمارات محتملة تصل إلى 38 مليار دولار، بينها مشاريع تتعلق بتقاسم الأعباء في قاعدة العديد.

أولوية ترامب: إنهاء الحروب… ولكن!

خلال كلمته أمام الجنود، أكد ترامب أن أولويته تتمثل في إنهاء النزاعات وليس إشعالها، لكنه لم يتردد في التشديد على استعداده لاستخدام القوة الأمريكية عند الضرورة. وقال: "أولويتي هي إنهاء الصراعات، لا بدءها، لكنني لن أتردد في استخدام القوة الأمريكية إذا لزم الأمر للدفاع عن الولايات المتحدة أو عن شركائنا، وقطر واحدة من شركائنا العظماء هنا". هذا الموقف يعكس معادلة ترامب التقليدية في السياسة الخارجية، التي تقوم على مبدأ الانسحاب من الحروب الطويلة، مع المحافظة على الاستعداد الكامل للتدخل العسكري متى رأى ذلك مناسبًا.

رسائل سياسية على أرض حليف

رغم كونها زيارة رئاسية عسكرية، لم يخلُ خطاب ترامب من إشارات سياسية داخلية أثارت جدلاً، إذ كرر مزاعمه غير المثبتة بشأن "تزوير انتخابات 2020"، وعبّر عن فخره بـ"الفوز في ثلاث انتخابات"، مضيفًا: "بعض الناس يريدون منا أن نخوض الرابعة، لا أدري، سأفكر في ذلك". جاءت هذه التصريحات في وقت حساس سياسيًا داخل الولايات المتحدة، واعتُبرت استغلالًا للمنصة العسكرية في الخارج لأغراض انتخابية، الأمر الذي يعيد للأذهان الطريقة التي درج بها ترامب على تحويل الأحداث الرسمية إلى عروض خطابية تستهدف جمهوره السياسي.

القاعدة مركز إجلاء في لحظات الأزمات

لم يقتصر دور قاعدة العديد على العمليات الهجومية فحسب، بل لعبت كذلك دورًا محوريًا في جهود الإجلاء الإنسانية، لا سيما خلال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021. حينها، أصبحت القاعدة مركزًا لوجستيًا رئيسيًا لإجلاء عشرات الآلاف من الأمريكيين والأفغان الذين كانوا عرضة لخطر انتقام طالبان، ما يعكس تنوع الأدوار التي تقوم بها هذه المنشأة العسكرية الهائلة في خدمة الاستراتيجية الأمريكية، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا سياسيًا وإنسانيًا.

التعليقات (0)