بوتين يدعو إلى أول قمة روسية–عربية.. اعرف الموعد والأسباب

profile
  • clock 17 مايو 2025, 12:07:26 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

شيماء مصطفى

وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة رسمية إلى قادة الدول العربية وأمين عام جامعة الدول العربية لحضور أول قمة روسية–عربية تُعقد يوم 15 أكتوبر 2025، وفق ما نقلته وكالات الأنباء الروسية. وأكد بوتين أن القمة ستشكل منصة لتعزيز "التعاون المتعدد الأبعاد" بين روسيا والعالم العربي، مشيراً إلى أن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيكونان في صلب جدول أعمال القمة.

سباق النفوذ: موسكو ترد على اختراق ترامب للخليج

تأتي هذه المبادرة الروسية في توقيت حساس، بعد جولة خليجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب نجح خلالها في توقيع اتفاقيات بقيمة 600 مليار دولار مع دول الخليج، شملت صفقات دفاعية ضخمة ومذكرات تفاهم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي. وبينما تستخدم واشنطن أدوات القوة الناعمة لتعزيز نفوذها التكنولوجي والاقتصادي، تسعى موسكو لاقتحام المشهد الإقليمي عبر الطاقة، الدفاع، والدبلوماسية متعددة الأطراف، ما يُعمق حالة التنافس الدولي على أسواق واستثمارات المنطقة.

علاقات اقتصادية محدودة.. لكن بآفاق استراتيجية

وبحسب تقرير مركز الخليج للأبحاث 2025، لا تزال العلاقات الاقتصادية بين روسيا والدول العربية دون الطموح، لا سيما إذا قورنت بالعلاقات مع الولايات المتحدة أو الصين. فمثلاً، بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا ودولة الإمارات حوالي 10 مليارات دولار، دون بيانات دقيقة حول العلاقات التجارية مع السعودية أو قطر. أما على المستوى الأوسع، فقد بلغت صادرات روسيا إلى إفريقيا 16.4 مليار دولار، وإلى آسيا 209.2 مليار دولار، ما يوضح تراجع الوزن التجاري للعالم العربي في أولويات موسكو الاقتصادية.

لكن لا يخلو المشهد من فرص. فروسيا تصدر القمح، المنتجات الدفاعية، والمعدات الصناعية إلى دول عربية مثل مصر والجزائر، بينما تستورد من المنطقة البتروكيماويات والمعادن والمنتجات الزراعية. كما يشكل التعاون في الطاقة النووية والتصنيع الدفاعي مجالات واعدة، خاصة مع دول مثل الإمارات التي أبرمت اتفاقيات استراتيجية مع موسكو في السنوات الأخيرة.

أوبك بلس: تنسيق نفطي أم توتر خفي؟

يشكل التعاون الروسي–الخليجي داخل تحالف أوبك بلس أبرز تجليات الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، خصوصاً في إدارة أسعار النفط والإنتاج العالمي. ومع ذلك، يكشف التقرير عن توترات متكررة خلف الكواليس، بعد أن خالفت روسيا وبعض الدول حصص الإنتاج المتفق عليها، ما دفع السعودية أحياناً للتلويح بـ"حرب أسعار" كوسيلة للضغط.

ومع تصاعد المنافسة من منتجي النفط في إفريقيا وأميركا اللاتينية، واشتداد السباق على الطاقة المتجددة، بات الطرفان يدركان أن أي فوضى في السوق النفطية قد تقوض مصالحهم المشتركة، ما يجعل التنسيق المستدام ضرورة استراتيجية رغم الخلافات.

الخليج ومبدأ التوازن: انفتاح دون انحياز

من اللافت أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، باتت تُجيد إدارة شبكة علاقاتها الدولية بمرونة استراتيجية، توازن بين التحالفات العسكرية مع واشنطن والانفتاح السياسي والاقتصادي على موسكو. فهي لا تسعى لاستبدال شريك بآخر، بل إلى تنويع الشراكات بما يخدم مصالحها السيادية ويعزز نفوذها الإقليمي.

وهكذا، لا تنظر دول الخليج إلى القمة الروسية–العربية كمجرد واجهة سياسية، بل كمجال لاختبار جدية موسكو في تقديم مبادرات عملية يمكن البناء عليها في السنوات المقبلة.

اختبار للكرملين: من الخطاب إلى الفعل

في ظل العزلة الغربية المتصاعدة على موسكو بعد الحرب الأوكرانية، تحاول روسيا إعادة صياغة حضورها الدولي من خلال شراكات "جنوب–جنوب" تشمل الدول العربية كمحاور رئيسية. لكن نجاح هذه المقاربة لن يُقاس بالخطابات ولا بالصور الجماعية، بل بمدى قدرة الكرملين على تقديم عروض واقعية تشمل:

تسهيلات استثمارية ذات جدوى.

اتفاقات في الطاقة تحقق توازناً ومكاسب متبادلة.

مشاريع بنية تحتية حقيقية قابلة للتنفيذ.

القمة المرتقبة تمثل إذاً لحظة كاشفة لمدى استعداد روسيا للانتقال من الخطاب السياسي الرمزي إلى المبادرة الاقتصادية الجادة.

موقع تفاوضي قوي للدول العربية

تدخل الدول العربية، وبالأخص دول الخليج، هذه القمة وهي في وضع تفاوضي قوي، مدعومة بـثقل مالي واقتصادي، إلى جانب أهمية جغرافية–سياسية متزايدة في معادلات الطاقة والتجارة العالمية. هذه الدول تبحث عن شركاء لا يعاملونها كـ"أسواق مستهلكة"، بل كقوى إقليمية فاعلة لها مطالب وشروط وشبكة تحالفات واسعة.

خاتمة: موسكو أمام لحظة الحقيقة

القمة الروسية–العربية ليست مجرد فعالية دبلوماسية جديدة، بل هي امتحان واقعي للسياسة الخارجية الروسية، وفرصة لإعادة ترتيب أولوياتها في منطقة تتقاطع فيها مصالح واشنطن، بكين، نيودلهي، وأنقرة. فإما أن تُقدم موسكو عرضاً تنافسياً فعلياً يُقنع الشركاء العرب بالانخراط، أو تبقى القمة مناسبة بروتوكولية أخرى تضاف إلى سلسلة اللقاءات التي لم تثمر عن تغيير حقيقي في توازن القوى الإقليمي.

المصادر

CNN

التعليقات (0)