تكبير الخط تصغير الخط

 محمد خميس

استمرار العدوان لليوم الـ171: مشهد من الدمار والخراب

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الـ171 على التوالي، عدوانها العنيف على مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، في تصعيد غير مسبوق يستهدف البنية التحتية والمنازل السكنية، متسببًا في دمار واسع النطاق ومعاناة إنسانية متزايدة.

بحسب مصادر محلية، شهد مخيم طولكرم صباح اليوم الأربعاء أعمال هدم مكثفة نفذتها جرافات الاحتلال، وسط سحب كثيفة من الدخان والغبار التي خيمت على سماء المنطقة. هذا التصعيد يأتي في إطار خطة إسرائيلية تستهدف هدم 104 مبانٍ تضم نحو 400 وحدة سكنية.

سياسة الهدم والتهجير: مخطط ممنهج لتفريغ المخيمات

تُعد الحملة الحالية امتدادًا لهدم سابق طال أحياء عديدة في المخيم مثل: المربعة، أبو الفول، الشهداء، الحمام، ما أدى إلى تهجير آلاف الأسر وفقدانها لمساكنها ومصدر أمانها.

الاحتلال لم يكتفِ بمخيم طولكرم، بل واصل عدوانه على مخيم نور شمس، حيث فرض حصارًا مشددًا، تخلله اقتحامات متكررة، وحرق متعمد للمنازل في منطقة جبل النصر، في إطار خطة تشمل هدم 106 مبانٍ.

حتى الآن، تم تنفيذ هدم نحو 48 مبنى في مخيم نور شمس وحده، ما أسفر عن دمار كبير وقطع أوصال الأحياء عبر فتح طرقات جديدة من قبل جرافات الاحتلال.

كارثة إنسانية: تهجير أكثر من 25 ألف فلسطيني

تشير الإحصائيات إلى أن العمليات المستمرة أدت إلى تهجير أكثر من 5 آلاف عائلة، أي ما يزيد عن 25 ألف فلسطيني من سكان المخيمين. كما تم تدمير أكثر من 600 مبنى كليًا، وتضرر 2,573 منزلًا جزئيًا.

في ظل استمرار الحصار، حُوّلت المخيمات إلى مناطق شبه خالية من السكان، بعد إغلاق جميع مداخلها بالسواتر الترابية ومنع الأهالي من الوصول إلى منازلهم، حيث يتم إطلاق النار المباشر على أي شخص يقترب

عسكرة الشوارع والمنازل: شارع نابلس نموذجًا

على الأرض، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى أحياء مدينة طولكرم، خاصة في محيط شارع نابلس، ميدان جمال عبد الناصر، السوق، وشارع مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي.
ويتحول شارع نابلس تدريجيًا إلى منطقة عسكرية مغلقة، إذ تواصل قوات الاحتلال الاستيلاء على المباني السكنية في الحي الشمالي، بعد تهجير سكانها قسرًا، وتحويلها إلى نقاط مراقبة.

الشارع نفسه تعرض لأضرار جسيمة نتيجة السواتر الترابية التي فُرضت عليه، إضافة إلى الحواجز الطيّارة التي تسببت في تعطيل حركة السير وتعميق معاناة السكان اليومية.

حصيلة الخسائر البشرية والمادية: أرقام مؤلمة

أسفر العدوان الإسرائيلي المستمر على طولكرم عن استشهاد 14 فلسطينيًا، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما كانت في الشهر الثامن من الحمل، بالإضافة إلى عشرات الإصابات والاعتقالات، فضلًا عن تدمير واسع للبنية التحتية، والمحال التجارية، والمركبات.

الضفة الغربية تحت النار: الاقتحامات والاعتداءات تتوسع

لم تقتصر الاعتداءات الإسرائيلية على طولكرم فقط، بل شهدت عدة مناطق من الضفة الغربية اقتحامات ليلية واعتقالات، ترافقت مع اعتداءات متكررة من قبل المستوطنين، أدت إلى استشهاد نحو ألف فلسطيني وإصابة ما يقارب 7 آلاف منذ أكتوبر 2023.

غزة في موازاة طولكرم: عدوان شامل بدعم أمريكي

بالتزامن مع عدوانها على الضفة، تواصل قوات الاحتلال وبمساندة أمريكية حربها على قطاع غزة، ما أسفر حتى اللحظة عن أكثر من 197 ألف شهيد وجريح، بالإضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين، في واحدة من أعنف الحروب في التاريخ المعاصر.

يمضي العدوان الإسرائيلي على طولكرم بلا هوادة، ضمن مخطط ممنهج يستهدف تهجير السكان، تدمير البنية التحتية، وعسكرة الحياة اليومية. في ظل هذا الواقع، يواجه الفلسطينيون واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية، وسط صمت دولي مريب وعجز المؤسسات الحقوقية عن وقف آلة الدمار.