المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي

الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف كامل للعمليات بسبب نفاد الوقود ومناشدات عاجلة لإنقاذ طفلين عالقين

profile
  • clock 10 أغسطس 2025, 3:30:16 م
  • eye 419
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الدفاع المدني في غزة

محمد خميس

في تطور خطير يعكس حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، حذر المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني من أن طواقم الإنقاذ قد تضطر إلى إعلان توقف كامل عن العمل إذا لم يتم إدخال الوقود بشكل عاجل، وذلك في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار المستمر والتصعيد العسكري.

تحذير من شلل كامل في عمليات الإنقاذ

وقال المتحدث في تصريح لقناة الجزيرة، إن استمرار انقطاع إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل آليات الدفاع المدني ومعداته يعني تعطيل عمليات الإنقاذ والإطفاء والإسعاف، مما قد يضاعف أعداد الضحايا العالقين تحت الأنقاض أو المحاصرين في مناطق الاشتباكات. وأكد أن الوضع الحالي "ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة" إذا لم يتم تداركه فورًا.

مناشدات لإنقاذ طفلين عالقين منذ 14 يومًا

وفي مشهد يلخص حجم المأساة، كشف المتحدث باسم الدفاع المدني أن فرق الإنقاذ تتلقى منذ أيام مناشدات لإخراج طفلين عالقين في شارع صلاح الدين، مضيفًا أن محاولات الوصول إليهما تعثرت بسبب القصف المستمر وانعدام الوقود اللازم لتشغيل المعدات الثقيلة. وأشار إلى أن الطفلين في وضع حرج، وأن العائلة والمجتمع المحلي يعيشون حالة ترقب وقلق شديدين على مصيرهما.

الأزمة الإنسانية تتفاقم مع استمرار الحصار

يأتي هذا التحذير في وقت يعاني فيه قطاع غزة من حصار خانق ونقص حاد في المواد الأساسية، بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، محطات المياه، ومولدات الكهرباء. ومع تواصل العدوان، أصبحت قدرة الدفاع المدني على الاستجابة للحالات الطارئة شبه معدومة، خصوصًا في المناطق الأكثر تضررًا مثل شارع صلاح الدين الذي يشهد دمارًا واسعًا وانهيارًا للبنية التحتية.

الوقود: شريان الحياة للإنقاذ

يؤكد خبراء الإغاثة أن الوقود ليس مجرد سلعة، بل شريان حياة في بيئة الحروب والكوارث، إذ تعتمد عليه سيارات الإسعاف، عربات الإطفاء، والمولدات التي تشغل الأجهزة الطبية. وفي حالة غزة، فإن منع دخول الوقود يؤدي إلى شلل كامل في المنظومة الإنسانية، ويضاعف من احتمالات الوفاة بين الجرحى والمصابين، ويمنع إتمام عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض.

نداءات دولية عاجلة

منظمات حقوق الإنسان والهيئات الإغاثية الدولية كانت قد دعت مرارًا إلى فتح ممرات إنسانية آمنة وإدخال الوقود دون قيود، محذرة من أن الاستهداف المتكرر للبنية التحتية وعرقلة عمل الدفاع المدني يرقى إلى انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني. وتشير التقارير إلى أن أكثر من نصف معدات الإنقاذ في غزة خارج الخدمة حاليًا بسبب نقص الوقود وقطع الغيار.

الدفاع المدني بين الخطر والتضحية

طواقم الدفاع المدني في غزة تعمل منذ بداية التصعيد في ظروف وصفت بـ "الانتحارية"، حيث يواجه عناصرها خطر القصف المباشر أثناء محاولاتهم إنقاذ المدنيين. ورغم الخسائر الكبيرة في صفوفهم، يواصلون العمل وسط الإمكانيات المحدودة، لكنهم الآن يقتربون من لحظة الانهيار التام إذا لم يتم توفير الوقود والمعدات فورًا.

المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي

تحذير الدفاع المدني يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وإنساني، إذ إن السماح بانقطاع خدمات الإنقاذ في منطقة تشهد عمليات عسكرية مكثفة قد يرقى إلى التقاعس عن منع جريمة إنسانية. ويرى مراقبون أن استمرار منع الوقود والمساعدات الأساسية يدخل في إطار سياسة العقاب الجماعي، وهو أمر مجرّم بموجب اتفاقيات جنيف.

أهمية التدخل السريع

يشدد خبراء الطوارئ على أن الساعات القادمة حاسمة، وأن أي تأخير في إدخال الوقود قد يحول دون إنقاذ أرواح محاصرة، بما في ذلك الطفلان العالقان في شارع صلاح الدين منذ أسبوعين. كما أن توقف الدفاع المدني عن العمل يعني أن الحرائق الناتجة عن القصف ستستمر في التهام المنازل والممتلكات دون رادع.

إن أزمة الوقود التي تهدد بوقف عمل الدفاع المدني في غزة ليست مجرد مشكلة لوجستية، بل هي قضية حياة أو موت لعشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين تحت الأنقاض أو المحاصرين في مناطق القتال. ومع استمرار المناشدات لإنقاذ الطفلين في شارع صلاح الدين، يصبح من الواضح أن أي تلكؤ في إدخال الوقود سيكون بمثابة حكم بالإعدام على أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في منطقة نزاع.

ويبقى السؤال: هل سيتحرك المجتمع الدولي بسرعة لتمكين طواقم الدفاع المدني من مواصلة مهامها، أم أن قطاع غزة سيشهد كارثة إنسانية جديدة تُضاف إلى سلسلة المآسي التي يعيشها منذ سنوات؟

التعليقات (0)