شهادة من الميدان: سنواصل رغم الجوع

التجويع الإسرائيلي.. معاناة مضاعفة لأطباء غزة في قلب الكارثة الإنسانية

profile
  • clock 24 يوليو 2025, 5:16:52 م
  • eye 425
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

أطباء بلا طعام.. القصة التي لا تروى خلف جدران المستشفيات

في الوقت الذي يواجه فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، يظهر وجه آخر للمعاناة: أطباء غزة، أولئك الذين يفترض أن يكونوا في الصفوف الأمامية للإنقاذ، باتوا أنفسهم ضحايا المجاعة الممنهجة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.

الجوع يفتك بالكوادر الطبية في مستشفى ناصر

في غرفة العمليات بمستشفى ناصر في خان يونس، يجلس الجراح الفلسطيني خالد السر على حافة السرير، ليس للراحة، بل لأنه لم يعد قادرًا على الوقوف. لم يأكل منذ يومين، ووسط صوته المكسور وملامحه الشاحبة يقول: “أنا جائع… بطني يؤلمني. أجريت عمليتين اليوم، وهناك ثالثة، لكن جسدي لا يقوى”.

لم يعد الطبيب يختلف عن المريض، فكلاهما منهك، مجهد، وجائع.

المجاعة تطال أبطال الخطوط الأمامية

المأساة لا تتوقف عند مريض أو حالة فردية. منذ بدء العدوان الإسرائيلي قبل أكثر من 22 شهرًا، يعمل الأطباء والممرضون على مدار الساعة في ظروف قاسية، مستنزفين جسديًا ونفسيًا، ليواجهوا اليوم معركة من نوع جديد: معركة البقاء على قيد الوعي أكثر من 1590 شهيدًا من الطواقم الطبية و 350 معتقلاً من العاملين في القطاع الصحي و دمار شبه كامل في البنية التحتية الصحية

مستشفى الشفاء.. عندما يسقط الطبيب جوعًا داخل غرفة العمليات

وفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، تم تسجيل حالات إغماء متكررة لأطباء في مستشفى الشفاء نتيجة انخفاض ضغط الدم وسوء التغذية. أحد الأطباء قال: “أعمل 24 ساعة متواصلة. أجريت عشرات العمليات. ولم تصل الوجبة الوحيدة — قليل من الأرز — اليوم”.

مع تدهور الوضع، لم تعد المشكلة فقط في عدد المرضى، بل في ضعف جسد الطبيب وعدم قدرته على أداء مهامه.

جراح يوقف عملية لإنقاذ فتاة بسبب الجوع!

داخل مجمع ناصر الطبي، اضطر جراح إلى إيقاف عملية جراحية لفتاة مصابة برصاصة في بطنها، بسبب دوار حاد ناجم عن الجوع. المفارقة أن الفتاة نفسها تعاني من سوء تغذية حاد. هكذا تبدو الصورة: منقذ وضحية في دوامة معاناة واحدة.

شهادة رسمية: الطواقم الطبية في غزة تواجه المجاعة

مدير مستشفى الشفاء، الدكتور محمد أبو سلمية، يوضح أن الوضع وصل إلى حد الكارثة الإنسانية: “بعض الأطباء أُغمي عليهم. لم تصل أي وجبة طعام خلال 48 ساعة. استمرار هذا الوضع يعني انهيار النظام الصحي بالكامل”.

وقد تم توثيق وفاة 24 مواطنًا خلال 72 ساعة نتيجة الجوع، معظمهم من الأطفال، بحسب بيانات المستشفيات.

الطبيب أم رب الأسرة؟ قرار يومي مفجع

يقف الأطباء يوميًا أمام معادلة صعبة: هل يبقون لإنقاذ أرواح لا حصر لها؟ أم يغادرون بحثًا عن كسرة خبز لأطفالهم؟ مع استهداف مراكز توزيع الغذاء من قبل الاحتلال، أصبح البحث عن الطعام مخاطرة قد تكلّف حياتهم.

شهادة من الميدان: سنواصل رغم الجوع

الحكيم أحمد أبو العطا، أحد العاملين في مشفى ميداني وسط غزة، يقول: “لم أتناول الطعام منذ أيام. لكننا مستمرون. نحن نؤدي واجبًا إنسانيًا مهما اشتد الجوع والتعب”.

ويناشد في الوقت ذاته المنظمات الدولية والحقوقية والطبية بالتدخل العاجل لحماية الطواقم الطبية في غزة.

من يُنقذ من يُنقذنا؟

أطباء غزة اليوم هم العنوان الأبرز لفداحة المأساة: يقاتلون في الخطوط الأمامية دون سلاح ولا غذاء، محاصرين بالجوع، يعملون في الظلام وتحت الخطر، لإنقاذ أرواح شعبهم.

إن التجويع الإسرائيلي المتعمد للطواقم الطبية هو جريمة مزدوجة: قتلٌ للمريض، وقتلٌ للطبيب. وهي جريمة يجب ألا تمر دون حساب.

التعليقات (0)