بدل التلبية… صرخات ومآتم

يوم التروية بين منى وغزة: طقوس الحج في مكة وصرخات المحرومين تحت القصف

profile
  • clock 4 يونيو 2025, 4:00:47 م
  • eye 435
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

بينما يتهيأ ملايين المسلمين في أنحاء العالم لصعود صعيد عرفات بعد قضاء يوم التروية في مشعر منى، كانت غزة تعيش وجهًا آخر لهذا اليوم الروحي. لا قدسية الطقوس حضرت، ولا صفاء الماء، بل كانت الأرض ترتوي بالدم، والهواء يضج برائحة البارود، والمآذن تئن تحت أنقاض المساجد المدمرة.

وجع يوم التروية في غزة: حين تحل القذائف بدل الذكر

في مكة، يُردد الحجيج “لبيك اللهم لبيك”، في روحانية تجمع المسلمين من كل فج عميق، أما في غزة المحاصرة والمنكوبة، فكان النداء مختلفًا تمامًا: “يا الله… أنقذنا”.

غزة التي حُرمت للعام الثاني على التوالي من موسم الحج، تعيش اليوم تحت حرب إبادة مستمرة، حرمت أهلها من الماء والغذاء، والطمأنينة، وحتى من أبسط معاني الروحانية. فبينما يتجه المسلمون إلى عرفات تطهرًا، يتجه الغزيون إلى الملاجئ هربًا من الموت.

بدل التلبية… صرخات ومآتم

بينما كان الحجيج في منى يُلبون ويهللون، تعلو في غزة أصوات سيارات الإسعاف، وصرخات الأطفال، وزفرات الجرحى. المستشفيات تعمل في ظروف كارثية، وسط نقص حاد في الأدوية والإمدادات، وانقطاع مستمر للكهرباء.

ورغم كل ذلك، تصر الطواقم الطبية على البقاء، وتجسد صورة من الصمود المذهل في وجه الموت، وكأنها تحج إلى الثبات على قيد الحياة.

غزة في يوم التروية: لا شاشات ولا كهرباء ولا خبز

في الأعوام السابقة، كانت شاشات التلفاز في غزة تنقل مشاهد الحجاج إلى منى، في محاولة لنقل الأمل إلى قلوب محاصرة. أما هذا العام، فلا كهرباء تُشغل الشاشات، ولا طعام يكفي لإحياء حتى لحظة رمزية من العيد القادم.

يقول "خالد"، وهو رب أسرة نزحت قبل شهر:
"المسلمون يستعدون للوقوف بعرفة، ونحن نستعد للوقوف على أطلال منازلنا. المشهد قاسٍ، لكنه أصبح معتادًا."

غزة تحجّ إلى الصبر وتناجي الله بالدعاء

رغم حرمانها من الحج، تقف غزة اليوم على جبل من الصبر والدعاء والثبات. تصلي تحت القصف، وتقرأ القرآن بين الأنقاض، وتناجي ربها أن يفرّج كربها.

في أحد المساجد المدمرة، جلس الشيخ عادل يقرأ من مصحف وجده تحت الركام وقال:
"يوم التروية كان يومًا من أيام الله، واليوم هو يوم صبر وثبات، نسأل الله أن تُرفع أصواتنا كما تُرفع أصوات الحجيج."

رسالة غزة في يوم التروية: نريد أن نعيش فقط

بين منى وغزة، طريقان متباينان، لكن الدعاء واحد. في منى يُطلب الغفران، وفي غزة يُطلب النجاة. لا تطلب غزة معجزة، بل تطلب حقًا بسيطًا: أن تعيش بكرامة، أن تجد ماءً لأطفالها، وأن تنعم بشيء من الأمان.

إنها صرخة موجهة للعالم الإسلامي كله، أن لا ينسوا أهل غزة في موسم الحج، أن يحملوهم في دعائهم، وأن يُبقي العالم الحر عينه مفتوحة على هذه المأساة الإنسانية المتكررة.

التعليقات (0)