تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الجمعة الماضي، وقفة احتجاجية واسعة نظمها فلسطينيون وجاليات عربية داعمة للقضية الفلسطينية، تنديدًا بسياسة الإبادة الجماعية والتجويع التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة. جاءت هذه الفعالية في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني في القطاع، وسط استمرار الحرب والقصف الإسرائيلي المستمر.

مشاركة واسعة من الجاليات العربية والناشطين الأوروبيين في الوقفة

شارك المئات من المواطنين والناشطين من مختلف الجاليات العربية في بلجيكا وأوروبا في الوقفة، رافعين شعارات ولافتات تفضح الجرائم الإسرائيلية بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة المحاصر. ودعا المتظاهرون إلى وقف فوري للحرب على غزة و تحميل قادة الاحتلال المسؤولية أمام المحاكم الدولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و ممارسة ضغط سياسي وأخلاقي على الحكومات الأوروبية لوقف الدعم الإسرائيلي

السياق الأوروبي: مساعدات غير كافية وامتناع الاحتلال عن التنفيذ

تزامنت الوقفة مع مفاوضات واتفاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لزيادة المساعدات إلى غزة، شملت فتح معابر جديدة لإدخال الغذاء والوقود و ترميم البنية التحتية الحيوية مثل محطات تحلية المياه.

لكن إسرائيل لم تلتزم بهذه الشروط، ما أثار استياء العديد من العواصم الأوروبية التي رأت أن هذه الإجراءات لا تكفي لوقف الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

تصعيد الخطاب السياسي الأوروبي تجاه الاحتلال الإسرائيلي

أصدرت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات، تيريزا ريبييرا، تصريحًا حاد اللهجة واصفة الوضع في غزة بأنه "إبادة جماعية"، وانتقدت بشدة منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

علاوة على ذلك، أصدرت مجموعة من وزراء خارجية 28 دولة من بينهم دول أوروبية بيانًا يطالب بوقف فوري للحرب وتعزيز الجهود الدبلوماسية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

على المستوى الفردي، اتخذت بعض الدول إجراءات مثل حظر تصدير واستيراد الأسلحة من وإلى إسرائيل (سلوفينيا وألمانيا) و دعوات لعقوبات اقتصادية ودبلوماسية على حكومة الاحتلال.

كما وجّه سفراء أوروبيون سابقون دعوة لوقف صادرات الأسلحة وفرض عقوبات رادعة على إسرائيل بسبب "الفظائع البشعة" المرتكبة ضد المدنيين.

الضغط الشعبي والسياسي في أوروبا: بين الفعالية والحدود

يتضح في أوروبا حراك مزدوج دعم إنساني مباشر لإغاثة غزة و تصعيد الخطاب السياسي والدبلوماسي ضد إسرائيل

إلا أن العديد من العواصم ترى أن هذه الخطوات لا تتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، وتبقى الأنظار متجهة إلى قدرة الاتحاد الأوروبي على تحويل الكلام إلى أفعال ملموسة توقف المجازر المستمرة.

الأزمة الإنسانية في غزة: جوع، موت، وحصار مستمر

تعيش غزة كارثة إنسانية متفاقمة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب. تسببت سياسة التجويع والتضييق على إدخال المساعدات في ارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال والنساء.

هذه الأزمة تزيد من حدة الاحتجاجات في أوروبا والعالم، مع دعوات ملحة لموقف دولي حازم يوقف الإبادة الجماعية التي يشهدها قطاع غزة.

أوروبا بين المسؤولية الأخلاقية والضغط الشعبي

تعكس وقفة بروكسل حالة الغضب الشعبي العارم تجاه استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، وتسلط الضوء على مسؤولية الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية القانونية والأخلاقية في اتخاذ موقف حاسم.

يبقى السؤال الأهم: هل ستتحرك أوروبا بحزم لوقف المجازر في غزة، أم ستظل في خانة المراقب والمتفرج على مأساة إنسانية تنذر بتداعيات أوسع في المنطقة والعالم؟