تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

قالت وزيرة الخارجية السلوفينية تانيا فاجون إن الصور الصادمة للأطفال الذين يموتون جوعًا في غزة تمثل نتيجة مباشرة لخيارات متعمدة، مؤكدة أن "الكارثة الإنسانية في القطاع من صنع الإنسان وليست كارثة طبيعية". وأوضحت الوزيرة خلال كلمتها في المؤتمر الدولي لـ"حل الدولتين"، الذي عُقد تحت رعاية الأمم المتحدة وبقيادة فرنسا والسعودية، أن ما يجري في غزة يرقى إلى تعريف القانون الدولي لـ"الإبادة الجماعية".

وأضافت فاجون أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية منذ 2 آذار/مارس الماضي دفع القطاع إلى حافة المجاعة، مع وجود قوافل إغاثة متكدسة على حدوده دون إمكانية الوصول إلى السكان المحتاجين.

حل الدولتين: السبيل لتحقيق سلام دائم

أكدت وزيرة الخارجية السلوفينية أن الحل المستدام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في تطبيق حل الدولتين، معتبرة أنه السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة. وأوضحت أن "السلام لا يمكن أن يتحقق من دون إدارة فلسطينية شرعية وفعالة، وهو ما يتطلب دعماً دولياً وإصلاحات داخلية".

وحذرت فاجون من أن استبدال القوة بالقانون لن يؤدي إلى الأمن، بل سينتج عنه عدم استقرار وتطرف يمتد لأجيال، مشددة على ضرورة احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان لضمان مستقبل آمن ومستقر لجميع شعوب المنطقة.

مواقف سلوفينيا الحازمة ضد الاحتلال

تأتي تصريحات الوزيرة في إطار سلسلة خطوات اتخذتها سلوفينيا ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية. ففي تموز/يوليو الماضي، أعلنت ليوبليانا منع وزيري الأمن القومي والمالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، من دخول أراضيها.

ووُصفت هذه الخطوة بأنها غير مسبوقة على مستوى الاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى الضغط على إسرائيل لوقف معاناة سكان غزة، مؤكدة أن سلوفينيا لا يمكن أن تلتزم الصمت تجاه الجرائم المستمرة بحق المدنيين.

وفي آب/أغسطس الماضي، صعدت سلوفينيا من إجراءاتها بإعلان حظر شامل على جميع أشكال التبادل التجاري المتعلق بالأسلحة مع الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الاستيراد والتصدير وعبور الأسلحة عبر أراضيها. ووصف القرار بأنه "الأول من نوعه لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي"، وأوضح أنه اتُخذ بشكل مستقل نتيجة عجز التكتل الأوروبي عن تبني خطوات ملموسة رغم المطالبات المتكررة.

الوضع الإنساني في غزة: أرقام مروعة

استعرضت فاجون حجم المعاناة في غزة منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي، ارتكب إبادة جماعية خلفت أكثر من 231 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود. وأضافت أن الدمار الشامل طال معظم البنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة تهدد حياة السكان الباقين.

وأوضحت الوزيرة أن هذه الأرقام تعكس حجم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين ووقف الجرائم المرتكبة بحقهم.

دعوة المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال

شددت وزيرة الخارجية السلوفينية على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لضمان حقوق الشعب الفلسطيني ووقف الانتهاكات، معتبرة أن الدعم الدولي للحكومة الفلسطينية الشرعية أمر حيوي لإنهاء الأزمة. وأوضحت أن الضغط السياسي والاقتصادي على الاحتلال يجب أن يشمل حظر تصدير واستيراد الأسلحة، ووقف مرور الوقود المستخدم لأهداف عسكرية عبر الأراضي الدولية، وفرض قيود على التجارة مع المستوطنات غير القانونية.

وأكدت فاجون أن مثل هذه الإجراءات لا تمثل خياراً مؤقتاً، بل جزءًا من استراتيجية مستدامة لحماية المدنيين وإعادة بناء غزة، وتحقيق سلام عادل قائم على القانون الدولي وحقوق الإنسان.

خطوات سلوفينيا نموذج للاتحاد الأوروبي

أوضحت الوزيرة أن مواقف سلوفينيا الحازمة تمثل نموذجًا يمكن للدول الأوروبية الأخرى اتباعه، خاصة في ظل تراجع بعض الدول عن اتخاذ خطوات ملموسة ضد الانتهاكات الإسرائيلية. وشددت على أن الصمت الأوروبي يفاقم الأزمة، وأن المبادرات الفردية للدول يمكن أن تحدث تأثيرًا ملموسًا إذا تم تنسيقها ضمن إطار دبلوماسي فعال.