تكبير الخط تصغير الخط

قد تعتقد أن حيوانك الأليف، ما دام يعيش داخل المنزل ويحظى برعاية جيدة، في مأمن من مخاطر الحرّ، لكن الحقيقة أن موجات الحرارة قد تكون قاتلة له مثلما هي خطرة على البشر. العطش والجفاف قد يؤديان إلى إرهاق بالغ، غيبوبة أو حتى الموت.

الحيوانات الأليفة تظهر سلوكا لافتا في الحرّ: اللهاث المستمر، قضاء وقت طويل في الظل، وقلة الحركة. الطبيبة البيطرية اللبنانية، الدكتورة ثريا دباغ خنيصر، تحذر من علامات أخطر، مثل فرط التنفس الشديد وإخراج اللسان خاصة لدى القطط، إذ يعد ذلك مؤشرا مرضيا خطيرا. سيلان اللعاب المفرط أيضا علامة تحذير. في الحالات الحادة قد يفقد الحيوان توازنه، يعجز عن المشي، ويصل إلى حالة من الإنهاك الشديد أو حتى الغيبوبة.

كيف يؤثر الحر على السلوك؟

التقلبات المناخية لا تغير فقط درجة حرارة الجو، بل تغيّر طباع وسلوك الحيوانات. دراسة نُشرت في مكتبة الطب الوطنية الأمريكية عام 2022 أظهرت أن الحيوانات الأليفة تتأثر بشكل مباشر بالتغير المناخي.

في الطقس البارد، تنشط الحيوانات أكثر وتزداد شهيتها. لكن في الصيف، تميل الكلاب والقطط إلى النوم والاسترخاء لفترات طويلة وتأكل كميات أقل. كما وجدت الدراسة أن نحو 30% من الكلاب تصبح أكثر عدائية مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يضيف عبئا إضافيا على المربين في إدارة سلوك حيواناتهم خلال موجات الحر.

إجراءات الوقاية الضرورية

الدكتورة ثريا تلخص القاعدة الذهبية: «ما ينطبق علينا، ينطبق على الحيوانات». بمعنى أن أي إجراء نقوم به لحماية أنفسنا من الحرّ يجب أن نفكر به لحيواناتنا.

من أهم النصائح:

- زيادة مياه الشرب مع إضافة مكعبات الثلج أحيانًا.

- إبقاء الحيوانات في أماكن جيدة التهوية، سواء باستخدام المراوح أو المكيّف.

- توفير الظل، ومنع التعرض المباشر لأشعة الشمس.

- تجنب ترك الحيوانات خارج المنزل خلال ذروة الحر، خاصة على السطوح أو في الباحات.

- تنظيم أوقات التنزه في الصباح الباكر أو المساء.

- تخفيف الفراء الكثيف عند الحاجة.

- منع ترك الحيوان في السيارة المغلقة، وهو من أخطر ما يمكن أن يؤدي إلى الوفاة خلال دقائق.

مسؤوليتنا تجاه حيوانات الشوارع

لا يقتصر الأمر على الحيوانات التي نربيها داخل منازلنا، بل يمتد إلى الكائنات التي تعيش حولنا. الطيور تساعد في القضاء على الحشرات، والقطط تقلل من أعداد القوارض، لكنها هي أيضا تعاني العطش والجفاف.

في الصيف، يموت الكثير من الطيور نتيجة الجفاف. نراها تتجمع حول بقع ماء صغيرة لتشرب أو تغتسل. لذلك يبادر الناس إلى وضع أوعية مياه على النوافذ والشرفات لمساعدتها. وينصح أيضا أن يترك من يطعم قطط الشوارع وعاء ماء نظيفا قرب الطعام، للمساعدة في تخفيف معاناتها خلال موجات الحر.

في الحدائق والمزارع

الحيوانات في حدائق الحيوان أو المزارع ليست أفضل حالًا. في الحدائق، يرش العاملون الأرضية بالماء لتقليل الحرارة، لكن غياب الظل أو الماء قد يكون قاتلًا.

بعض الحيوانات المستوردة من بيئات باردة – مثل الدببة أو البطاريق – تحتاج لرعاية خاصة في مناخنا الحار. وفي المزارع، تعاني الماشية من الإجهاد الحراري، ما يؤدي إلى نفوق الخراف أو انخفاض إنتاج الحليب واللحم، وتأخر الخصوبة. من الإجراءات الموصى بها:

- جز الصوف أو تخفيف الفراء.

- تحسين التهوية داخل الحظائر.

- تقليل الاكتظاظ الذي يرفع الحرارة.

- توفير مياه وظل دائمين.

أعراض الإجهاد الحراري عند الماشية تتضمن ارتفاع حرارة الجسم، قلة الشهية، التنفس السريع، وحتى إخراج اللسان.

خطوات إنقاذ عاجلة

إذا لاحظت علامات الإجهاد الحراري على حيوانك، تنصح الدكتورة ثريا بخطوتين أساسيتين:

أولا، خفض حرارة جسمه برش أو سكب ماء بارد (دون مبالغة في التبريد المفاجئ). ثانيا، في حال ابتلاع اللسان، يجب سحبه فورا من الفم.

بعدها، لا بد من نقل الحيوان بسرعة إلى طبيب بيطري لتلقي العناية اللازمة، خاصة في حالات الإغماء أو التدهور الحاد.

في النهاية، تذكّر دائما: حماية أنفسنا من الحر واجب، لكن حماية هذه الكائنات الضعيفة التي نحبها وتشاركنا حياتنا لا تقل أهمية. إنها مسؤوليتنا في كل طقس، وكل وقت.