انتهاك صارخ للقانون الدولي

منظمة التعاون الإسلامي تدين زيارة نتنياهو الاستفزازية لمستوطنة عوفرا في الضفة الغربية

profile
  • clock 18 أغسطس 2025, 7:59:31 م
  • eye 412
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
منظمة التعاون الإسلامي

محمد خميس

في خطوة أثارت موجة من الغضب والانتقادات الدولية، أدانت منظمة التعاون الإسلامي بشدة الزيارة التي قام بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مستوطنة عوفرا المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ووصفتها بأنها زيارة استفزازية تهدف إلى تكريس سياسة الاستيطان وشرعنته رغم مخالفته الصريحة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وأكدت المنظمة، في بيان رسمي صدر من مقرها في جدة، أن هذه الزيارة وما رافقها من تصريحات "عنصرية وعدوانية" تعكس النوايا التوسعية والاستعمارية لإسرائيل، وتبرهن على إصرار حكومة الاحتلال على تحدي الإرادة الدولية وتقويض أي جهود لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، مستندة إلى حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

انتهاك صارخ للقانون الدولي

شددت منظمة التعاون الإسلامي على أن تصريحات نتنياهو حول "أهمية التمسك بالمستوطنات ومنع إقامة دولة فلسطينية" تمثل إمعانًا واضحًا في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، خاصة أن المستوطنات في الضفة الغربية تعد غير قانونية وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم (2334) الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2016، ويؤكد بوضوح أن الاستيطان يشكل خرقًا للقانون الدولي ويعيق التوصل إلى حل الدولتين.

كما استند البيان إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي شدد على عدم شرعية الاحتلال والاستيطان وضرورة إنهائه فورًا، معتبرًا أن استمرار إسرائيل في توسيع المستوطنات هو تحدٍ مباشر للشرعية الدولية واستهتار بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

عوفرا.. مستوطنة غير قانونية ترمز للتوسع الاستيطاني

تقع مستوطنة عوفرا شرق مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وتعد من أوائل المستوطنات التي أقامها الاحتلال بعد عام 1967. ورغم إدانات المجتمع الدولي المتكررة، لا تزال إسرائيل توسع المستوطنة وتعتبرها "قانونية"، بينما يراها القانون الدولي مستوطنة استعمارية غير شرعية أقيمت على أراضٍ فلسطينية مصادرة.

زيارة نتنياهو لعوفرا، وفقًا لمحللين سياسيين، ليست مجرد جولة رمزية، بل رسالة واضحة تهدف إلى طمأنة اليمين الإسرائيلي المتطرف بتمسكه بخيار التوسع الاستيطاني، إلى جانب إرسال إشارة تحدٍ للمجتمع الدولي الرافض لمشروع الاستيطان.

منظمة التعاون الإسلامي: دعوة للمجتمع الدولي

طالبت منظمة التعاون الإسلامي في بيانها مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي ككل بتحمل مسؤولياتهم القانونية والسياسية والأخلاقية تجاه إنهاء الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، والعمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يواجه اعتداءات يومية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين.

كما شددت المنظمة على أن استمرار الاستيطان الإسرائيلي ينسف أي فرصة لتحقيق سلام عادل قائم على حل الدولتين، ويقوض إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، عاصمتها القدس الشرقية.

المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي

تطرح الزيارة الاستفزازية لنتنياهو لمستوطنة عوفرا تساؤلات مهمة حول قدرة المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. فرغم صدور عشرات القرارات الدولية التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان، إلا أن إسرائيل تواصل تحديها الصريح لها دون أي رادع، بل وتكثف من بناء المستوطنات وتوسيعها.

ويرى مراقبون أن استمرار التغاضي الدولي عن هذه الانتهاكات يشجع الاحتلال على التمادي أكثر، ويجعل الحديث عن عملية سلام أو مفاوضات سياسية فارغًا من أي مضمون. فكيف يمكن إقامة دولة فلسطينية في ظل ابتلاع الأراضي بالاستيطان وتحويل الضفة الغربية إلى جزر منفصلة ومحاطة بالمستوطنات والطرق الالتفافية؟

تصريحات نتنياهو: رفض واضح لحل الدولتين

خلال زيارته، أكد نتنياهو أنه سيبذل كل ما بوسعه لمنع إقامة دولة فلسطينية، معتبرًا أن "الحفاظ على أرض إسرائيل واستمرار الاستيطان مسألة استراتيجية". هذه التصريحات، التي وصفها البيان بأنها عنصرية وعدوانية، تكشف بوضوح الموقف الإسرائيلي الرافض لأي تسوية سياسية حقيقية، وتفضح زيف الادعاءات حول "رغبة إسرائيل في السلام".

خطورة المرحلة الحالية

تأتي هذه الزيارة في وقت يشهد فيه الضفة الغربية تصعيدًا متزايدًا من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين، حيث تتكرر الاقتحامات لمدن وقرى فلسطينية، إلى جانب عمليات الهدم ومصادرة الأراضي. وتؤكد هذه السياسات أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تسعى لفرض أمر واقع استيطاني يجعل من المستحيل تطبيق حل الدولتين أو التوصل إلى تسوية سياسية عادلة.

إن إدانة منظمة التعاون الإسلامي لزيارة نتنياهو لمستوطنة عوفرا تمثل تأكيدًا جديدًا على رفض المجتمع الدولي للإجراءات الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية. لكن الإدانة وحدها لا تكفي، بل لا بد من خطوات عملية من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الفاعلة لإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

فالاستيطان ليس فقط عقبة أمام السلام، بل هو جوهر المشروع الاستعماري الإسرائيلي الذي يهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتغيير معالم الضفة الغربية. وبالتالي، فإن إنهاء الاحتلال والاستيطان يظل الشرط الأساسي لتحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة.

التعليقات (0)