تكبير الخط تصغير الخط

في مشهد مؤلم يجسّد المعاناة الإنسانية المتواصلة في قطاع غزة، اضطرت نسرين الطويل لقطع مسافة طويلة تحت القصف الإسرائيلي، للوصول إلى مستشفى غزة الأوروبي حيث يرقد طفلها "محمود" المولود قبل أوانه في الأسبوع الـ36، داخل حضّانة للأطفال الخدج. لحظات مرت كأنها الدهر، خشيت خلالها نسرين أن تكون قد فقدت طفلها نتيجة القصف الذي استهدف المستشفى وأدى إلى دمار واسع فيه.

إخلاء فوضوي تحت القصف ونقص في الإمكانيات

بعد وصول نسرين للمستشفى، سارعت إلى غرفة الحضانة لتفاجأ بقرار إخلاء المستشفى بالكامل، إثر تسرّب خطير في أنابيب الأكسجين ناتج عن القصف، ما وضع حياة الأطفال الخدج في خطر داهم.

وبسبب نقص حاد في سيارات الإسعاف، تم إخلاء المرضى والجرحى باستخدام مركبات مدنية، و"تكاتك"، وعربات "كارو"، وسط استمرار القصف الإسرائيلي لمحيط المستشفى. ولم يُسمح بنقل الأطفال الخدج بسيارات إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلا مع حلول العاشرة مساءً، حيث نُقلوا إلى مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل.

الطواقم الطبية تعمل فوق طاقتها

يتحدث الدكتور تامر الغرابلي، طبيب الأطفال وحديثي الولادة، عن أوضاع كارثية في حضّانات مستشفيات القطاع، حيث يوجد فقط 75 حضانة تعمل مقارنة بـ167 قبل الحرب، بعد تدمير معظم المستشفيات على يد الاحتلال. ويؤكد أن نقص الإمكانيات وتضاعف عدد الولادات المبكرة بسبب الضغط النفسي وسوء التغذية والصدمات النفسية، خلق أزمة حادة في الرعاية الطبية.

ويضيف الغرابلي: "في بعض الحالات، نضطر لوضع من 3 إلى 5 أطفال في الحضانة الواحدة، رغم أن المعايير الطبية توصي بطفلين فقط، حرصًا على نمو أعضائهم الحيوية كالرئتين والدماغ".

خطر انقطاع الأكسجين يهدد حياة الأطفال

وأوضح الطبيب أن المستشفيات واجهت انقطاعات متكررة للكهرباء، ما أدى إلى توقف مضخات الأكسجين، واضطرت الطواقم لضخ الأكسجين يدويًا لفترات طويلة. ويخشى الأطباء من تكرار هذه الكارثة في حال استمرار منع دخول الوقود والمعدات الطبية إلى القطاع.

دمار واسع في مستشفى غزة الأوروبي

بدوره، قال مدير المستشفى الدكتور عماد الحوت إن حرم المستشفى تعرض لأكثر من 15 غارة جوية، تسببت في تدمير كبير للبنية التحتية، بما في ذلك:

خروج 8 غرف عمليات عن الخدمة

تدمير شبكات الصرف الصحي

تلف أنظمة الأكسجين والكهرباء

تدمير عدد من سيارات الإسعاف

وأشار إلى أن الهجمات أثارت ذعرًا واسعًا بين المرضى والطواقم الطبية، ما أجبر المستشفى على إخلاء جميع من تبقى من المرضى والجرحى، وعددهم 222، إلى مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل

استمرار الإبادة الجماعية في غزة بدعم دولي

تأتي هذه التطورات الكارثية في إطار الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والتي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبحسب التقارير الحقوقية والطبية، ارتكبت إسرائيل مجازر جماعية أدت إلى سقوط أكثر من 173 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود، وسط دعم أمريكي وأوروبي متواصل.