من غزة إلى مكة.. نداء في صمت العالم

عيد بلا فرحة وحج بلا طريق: مأساة غزة تحت الحصار والحرب

profile
  • clock 4 يونيو 2025, 3:20:58 م
  • eye 435
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

بينما يتهيأ ملايين المسلمين حول العالم لأداء مناسك الحج واستقبال عيد الأضحى بروح من الإيمان والفرح، يعيش أهالي قطاع غزة حرمانًا مزدوجًا للعام الثاني على التوالي؛ فلا حج يؤدى، ولا عيد يحتفل به، وسط دمار شامل، وحصار خانق، وعدوان لا يتوقف. مأساة إنسانية متكررة تكشف هشاشة الوضع الإنساني وتُدين تقاعس المجتمع الدولي.

العام الثاني بلا حج: الحصار يغلق طريق الروح

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الواسع على غزة في أكتوبر 2023، يعيش الفلسطينيون في القطاع حالة حصار مطبق جعل من أداء فريضة الحج حلمًا مستحيلًا. حيث يُعد معبر رفح — المنفذ الوحيد أمام الغزيين إلى الخارج — مغلقًا بشكل شبه دائم، أو يخضع لقيود مشددة تمنع خروج الحجاج، حتى في موسم الرحمة والعبادة.

وبحسب شهادات محلية، تُرفض طلبات الحج بشكل جماعي، وتتراكم ملفات الحجاج دون تنفيذ، ما يُحوّل فريضة الحج من واجب ديني إلى أمنية معلقة، ومن حلم عمر إلى رمز جديد لمعاناة شعب محاصر.

غزة.. لا عيد ولا أمل تحت القصف والحرمان

في هذا العام، يأتي عيد الأضحى بلا طعم ولا فرحة في غزة. فلا أضاحي تُذبح، ولا ملابس تُشترى، ولا ألعاب تُوزع على الأطفال. فالحرب أكلت الأخضر واليابس، والفقر دمّر القدرة على إدخال البهجة إلى البيوت، حتى في أبسط صورها.

ولم تعد غزة فقط تحرم من الفريضة، بل حتى من الشعائر البسيطة التي تمنح الحياة رمقًا روحيًا. حيث بات الأهالي يحيون العيد بين الركام، في خيام النازحين، أو على وقع الغارات، في صورة تُجسد مأساة إنسانية صادمة.

الحج في الإسلام: فريضة روحية لا تحتمل المنع

الحج، في جوهره، ليس مجرد طقس شعائري بل رحلة روحية عميقة تمثل أحد أركان الإسلام الخمسة. ومن خلاله، يجتمع المسلمون من كافة أنحاء العالم، في مشهد عالمي من التوحيد والمساواة.

لكن في غزة، يُمنع آلاف المسلمين من الانضمام لهذا اللقاء الروحي، لا لسبب إلا كونهم تحت الاحتلال والحصار. حقهم في الإيمان أصبح مُصادرًا، تمامًا كما صودرت حقوقهم في الحياة والتنقل والعمل والعلاج.

رسائل الحج العَشْر: دعاء وغضب في وجه الظلم

في الأيام العشر الأُوَل من ذي الحجة، يتقرب المسلمون إلى الله بالدعاء والعمل الصالح، ويعلو صوت النصرة من الحجيج إلى السماء. لكن في هذا العام، تحمل هذه الأيام رسائل مختلفة، رسائل تقول إن هناك من يُمنعون حتى من التعبد، وإن غزة، رغم غيابها عن مكة، حاضرة في دعاء كل من يطوف ويسعى.

من على صعيد عرفات، وفي أجواء الطمأنينة بمكة، يرتفع اسم غزة عاليًا، كنداء لا يجب أن يُنسى، وكجُرح مفتوح في جسد الأمة، يطلب التئامه بالعدل والحرية.

دعوة لإنهاء العزلة: الحج حق وليس منّة

في مواجهة هذا المشهد، تُوجه منظمات إنسانية وحقوقية دعوات عاجلة للسماح للفلسطينيين بممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وفتح معبر رفح أمام الحجاج، وإنهاء سياسة العقاب الجماعي التي تمنعهم من المشاركة في أحد أكبر المواسم الروحية في العالم الإسلامي.

منع الحج ليس قضية تنقل فحسب، بل هو انتهاك لكرامة الإنسان وحقوقه الدينية. وإن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء ذلك يزيد من الشعور بالخذلان الذي تعيشه غزة عامًا بعد عام.

من غزة إلى مكة.. نداء في صمت العالم

في غزة، القلوب تهفو إلى البيت الحرام، والعيون تدمع حسرة على فريضة يُمنع منها شعب كامل. ومع كل عيد يمر، يزداد الألم، لكن يبقى الأمل في قلوب الصامدين، بأن تنتهي هذه المعاناة يومًا ما، ويُرفع الحصار، وتُفتح الطرق إلى مكة، فيتحقق الحلم الغزي المنتظر: حج بلا قيد، وعيد بلا دموع.

التعليقات (0)