رفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية في 7 أكتوبر: تهرب سياسي أم تقويض للعدالة؟

profile
  • clock 5 مايو 2025, 11:39:21 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
طوفان الأقصى

خاص 180 تحقيقات


في خطوة تكشف حجم الارتباك السياسي داخل (إسرائيل) بعد أكثر من عام ونصف على هجوم 7 أكتوبر (طوفان الأقصى)، قررت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، عدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الأحداث التي هزّت المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية في آن واحد. القرار، الذي وصفه مسؤولون إسرائيليون بـ"التهرب الصريح من المسؤولية"، أثار ردود فعل واسعة في الأوساط القانونية والعسكرية، وسط اتهامات لنتنياهو بالسعي لإفلات حكومته من المحاسبة التاريخية.


من لجنة رسمية إلى "لجنة خاصة": تلاعب قانوني أم خشية من الحقيقة؟

رغم الضغط الشعبي والسياسي المتزايد، لم تذهب حكومة الاحتلال إلى خيار اللجنة الرسمية التي يمنحها القانون الإسرائيلي صلاحيات شاملة في الاستدعاء والمساءلة، واكتفت بالإعلان عن نيتها تشكيل "لجنة خاصة"، دون تعريف واضح لصلاحياتها أو مدى استقلاليتها.

يأتي ذلك وسط تحذير صارم من المستشارة القضائية للحكومة، غالي باهراف ميارا، التي اعتبرت أن هذا التوجه "يضر بجهود البحث عن الحقيقة"، ويُقوّض أحد أهم آليات المحاسبة الديمقراطية في نظام الحكم الإسرائيلي.

تهرب من المسؤولية:

المعارضة، ممثلة ببيني غانتس، زعيم "معسكر الدولة"، ذهبت أبعد من ذلك، معتبرة أن "التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية يضر بأمن الدولة"، مضيفًا: "الجمهور ليس غبيًا، ويدرك أن السبب الوحيد هو محاولة للتهرب من المسؤولية".

في هذا السياق، لا يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تخشى فقط من تداعيات داخلية، بل من نتائج قد تُعرض قيادات عسكرية وأمنية وسياسية لمحاسبة قد تنتهي بتوصيات بعزلهم أو محاكمتهم، تمامًا كما حدث في أعقاب تحقيق لجنة "فينوغراد" بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.

اصطفافات جديدة داخل الدولة العميقة

القرار الحكومي فتح أيضًا جبهة جديدة مع المؤسسة القضائية، حيث لم يتردد وزير الاتصالات من حزب "الليكود"، شلومي كرعي، في القول إن "المحكمة العليا نفسها يجب أن تخضع للتحقيق"، في تصعيد خطير ضد سلطة القانون.

في المقابل، برزت أصوات داخل الجيش وأجهزة الأمن تعبّر عن امتعاضها من غياب آلية تحقيق شفافة تحصّن المؤسسة الأمنية من التسييس، كما عكست تصريحات حاييم كاتس من الليكود حين قال: "فقط في دولة الحمقى، جنرال في الجيش يحتاج إلى محامٍ خلال الحرب"، في إشارة إلى مناخ فقدان الثقة السائد داخل أروقة الحكم.

تداعيات داخلية وخارجية

قرار تجنّب لجنة التحقيق الرسمية لا يُبقي الجدل محصورًا في الداخل الإسرائيلي، بل قد تكون له ارتدادات دولية، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية تسعى في الوقت ذاته إلى تبرير سياساتها أمام الرأي العام العالمي وسط تصاعد الضغوط بشأن سلوكها العسكري في غزة.

يرى الخبراء والمختصين بالشأن الإسرائيلي أن غياب لجنة تحقيق مستقلة وذات طابع قانوني رصين يضعف من قدرة إسرائيل على استخلاص الدروس العملياتية والاستخباراتية من كارثة 7 أكتوبر، ويُبقي مؤسساتها الأمنية في حالة تآكل ثقة داخلي، ما يُفاقم التصدعات البنيوية في منظومة الحكم.


الامتناع عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر ليس مجرد قرار مؤقت، بل يعكس توجهًا سياسيًا مدروسًا هدفه حماية رأس الهرم السياسي من السقوط. لكنه في المقابل، يعمّق جراح الثقة داخل الكيان الإسرائيلي، ويُعرّي هشاشة نظام المحاسبة أمام تحديات الأمن والشرعية والذاكرة الجماعية.

التعليقات (0)