خطط تهجير قديمة بثوب جديد

حماس ترفض خطة التهجير الأميركية: "غزة ليست للبيع" وتؤكد تمسكها بالحقوق الوطنية

profile
  • clock 1 سبتمبر 2025, 4:46:23 م
  • eye 436
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
حماس

محمد خميس

في تطور جديد يثير جدلًا سياسيًا وإعلاميًا واسعًا، شددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الاثنين، على رفضها القاطع لما نشرته وسائل إعلام أميركية بشأن خطة تهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة بشكل مؤقت، وتحويله إلى منطقة اقتصادية وسياحية بإشراف مباشر من واشنطن.
هذا الموقف يأتي في ظل الحرب المستمرة على القطاع، حيث تتصاعد الضغوط السياسية والعسكرية التي تستهدف كسر صمود الفلسطينيين وفرض حلول تتعارض مع حقوقهم الوطنية والتاريخية.

تصريحات حماس: "غزة ليست للبيع"

قال الدكتور باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في تصريح صحفي: "انقعوها واشربوا ماءها، كما يقول المثل الفلسطيني… غزة ليست للبيع".
مضيفًا أن غزة ليست مجرد مدينة على الخريطة أو بقعة جغرافية منسية، بل هي جزء أصيل من الوطن الفلسطيني الذي لن يتخلى عنه شعبه مهما اشتدت الضغوط.

وأكد نعيم أن أي خطة تتحدث عن تهجير الفلسطينيين من القطاع "باطلة ولا قيمة لها"، ولن تجد طريقها للتنفيذ، لأنها ببساطة تتناقض مع الحقوق التاريخية والوطنية للشعب الفلسطيني. كما شدد على أن الحركة لم تتلقَّ أي طرح رسمي بهذا الشأن، وكل ما ورد حتى الآن جاء عبر وسائل الإعلام فقط.

خطط تهجير قديمة بثوب جديد

التقارير الإعلامية التي أثارت الجدل استندت إلى ما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، والتي كشفت عن وثيقة من 38 صفحة تتحدث عن مشروع يُعرف باسم "صندوق GREAT Trust" أي "غزة لإعادة الإعمار، صندوق الإنعاش الاقتصادي والتحوّل".

وبحسب الصحيفة، تقترح الخطة خروجًا "طوعيًا" لعدد من سكان غزة إلى دول أخرى، أو انتقالهم إلى مناطق محددة داخل القطاع تحت إدارة مؤقتة، مقابل مشاريع لإعادة الإعمار وتحويل غزة إلى منطقة جذب استثماري وسياحي.
كما تتضمن الخطة إشرافًا أميركيًا مباشرًا على القطاعات الاقتصادية والخدمية، بما في ذلك الموانئ والمطارات المستقبلية، وهو ما تعتبره أوساط فلسطينية محاولة لشرعنة السيطرة الأميركية والإسرائيلية على مستقبل غزة.

رؤية فلسطينية: "عقلية استعمارية"

مسؤول آخر في حركة حماس، نقلت عنه وسائل إعلام محلية، وصف الخطة بأنها امتداد لعقلية استعمارية قديمة، تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين وتوفير غطاء لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في التوسع والهيمنة.
وأضاف أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي حلول على حساب وجوده أو هويته الوطنية، وأن أي مشاريع خارجية تتجاهل الواقع السياسي والحقوقي للشعب الفلسطيني مصيرها الفشل.

محاولات أميركية سابقة

ليست هذه المرة الأولى التي تُطرح فيها فكرة تهجير سكان غزة تحت غطاء "المساعدات الإنسانية" أو "إعادة الإعمار".
ففي مطلع شباط/فبراير الماضي، فاجأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الجميع، حين تحدث في لقاء مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن خطة لنقل سكان غزة إلى مصر والأردن، باعتبارها حلًا "إنسانيًا".
الفكرة ذاتها سبق أن طرحها صهره جاريد كوشنر قبل عام، ضمن ما عُرف بـ "صفقة القرن"، والتي هدفت عمليًا إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع اقتصادية واستثمارية، مقابل التنازل عن الحقوق الوطنية.

موقف مصر والأردن

مارست إدارة ترامب ضغوطًا كبيرة على كل من مصر والأردن للقبول بالخطة، ملوّحة بقطع المساعدات الأميركية التي تُقدّر بمليارات الدولارات.
لكن القاهرة وعمّان رفضتا المقترح، وأكدتا أنه لا يمكن تجاوز حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه.
كما عبّرت قمة القاهرة العربية في آذار/مارس الماضي عن موقف عربي موحد يرفض التهجير أو التوطين القسري، ويؤكد أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

واقع الحرب في غزة

تأتي هذه الخطط في ظل حرب إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، بدعم مباشر من الولايات المتحدة ودول غربية.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 224 ألف فلسطيني، إضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية والمنازل والمستشفيات والمدارس.
ويرى محللون أن الحديث عن مشاريع "إعادة إعمار" تحت إشراف أميركي في ظل استمرار الحرب، هو محاولة لتجميل واقع الإبادة الجماعية وفرض حلول سياسية تخدم الاحتلال.

رفض فلسطيني وعربي واسع

المواقف الفلسطينية، سواء من الفصائل أو المؤسسات الأهلية، جاءت رافضة بشكل كامل لأي مشاريع تهجير أو إعادة توطين.
كما أصدرت منظمات حقوقية عربية ودولية بيانات أكدت أن هذه الخطط تتناقض مع القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر النقل القسري للسكان تحت الاحتلال.
ويرى خبراء أن مثل هذه المشاريع تهدف إلى إضعاف القضية الفلسطينية ونقلها من إطارها السياسي والحقوقي إلى إطار اقتصادي استثماري يخدم مصالح قوى إقليمية ودولية.

تصريحات حماس اليوم بأن "غزة ليست للبيع" تمثل رسالة واضحة بأن الفلسطينيين لن يقبلوا أي مخططات تستهدف وجودهم أو هويتهم، مهما كان الغطاء السياسي أو الاقتصادي الذي تحمله.
كما تؤكد أن أي حلول لا تنطلق من إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ستكون محكومة بالفشل، كما فشلت محاولات سابقة خلال العقود الماضية.

غزة اليوم ليست مجرد عنوان لمعاناة إنسانية، بل هي رمز للصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال والمشاريع الاستعمارية، وما بين الرفض الشعبي والفصائلي والعربي، يبدو أن أي خطة تهجير – سواء أميركية أو إسرائيلية – ستظل حبرًا على ورق، ما دام الشعب الفلسطيني متمسكًا بأرضه وحقوقه.

التعليقات (0)