-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
حسن شحاتة.. "المعلم" الذي صنع المجد من قلب المحنة
حسن شحاتة.. "المعلم" الذي صنع المجد من قلب المحنة
-
2 أغسطس 2025, 3:03:09 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
منذ اللحظة الأولى التي خطى فيها حسن شحاتة أرض الملعب، لم يكن مجرد لاعب أو مدرب تقليدي. بل كان رجلًا يعرف كيف يحوّل المصادفات إلى محطات مجد، ويصنع من الألم دربًا للإنجاز. وبين صرخاته الحماسية على الخط وهدوئه في مواجهة الكبار، رسم "المعلم" لنفسه مكانةً نادرة في وجدان الكرة المصرية.
بداية مضطربة.. وصعود مفاجئ
بدأت رحلة شحاتة الكروية في الزمالك عام 1966، لكن الحرب أوقفت أحلامه سريعًا. فبعد أقل من عام من انضمامه، اندلعت نكسة يونيو 1967، وتوقفت المسابقات المحلية. فقرر شحاتة السفر إلى الكويت، وهناك سطع نجمه بقوة مع فريقي كاظمة والعربي. تُوّج بلقب هداف الدوري الكويتي ثلاث مرات، وفاز بجائزة أفضل لاعب في آسيا عام 1970، وهي لحظة صنعت اسمه كأحد أوائل المحترفين المصريين بالخارج.
العودة إلى مصر.. وخطة الخداع
عاد شحاتة إلى مصر في وقت كانت الدولة تستعد لحرب أكتوبر 1973. وفي اليوم السابق للعبور، احتفت الصحف بخوضه أول مباراة رسمية مع الزمالك في 5 أكتوبر. لكن المباراة كانت جزءًا من خطة خداع استراتيجي، إذ اندلعت الحرب في اليوم التالي، وتوقّف النشاط الكروي مجددًا.
مع عودة الدوري عام 1975، بدأت مسيرة شحاتة الحقيقية. سحر الجماهير بأدائه الراقي وأهدافه الحاسمة، ومنها هدفه في نهائي كأس مصر 1975، وقيادته الزمالك للفوز بالدوري بعد غياب 13 عامًا. ومع كل تألق، كانت الجماهير تردّد هتافها الشهير: "حسن شحاتة يا معلّم، خَلّي الشبكة تتكلم"، ليُصبح "المعلّم" لقبًا خالدًا.
اعتزال وعودة.. ثم اعتزال نهائي
في قرار مفاجئ، أعلن شحاتة اعتزاله عام 1980. لكن رئيس الزمالك حينها، محمد حسن حلمي، لم يستسلم، ودبّر له "خدعة جميلة" بترتيب لقاء جماهيري أعاد "المعلم" إلى الملاعب. وخلّد شحاتة عودته بمشاهد لا تُنسى، أبرزها هدفه الملغى أمام الأهلي في 1982، والذي أدى لاحقًا لاعتماد التحكيم الأجنبي في مباريات القمة.
وفي نهاية المطاف، أنهى شحاتة مشواره لاعبًا عام 1983 بعد تسجيله 102 هدفًا، ليبقى الهداف التاريخي للزمالك حتى تجاوزه عبد الحليم علي لاحقًا.
من ملعب التدريب إلى منصات التتويج
بعد الاعتزال، توجّه شحاتة إلى التدريب، وبدأ مسيرته في الإمارات، قبل أن يعود إلى مصر لتدريب فرق مختلفة، ثم المنتخب الأولمبي الذي قاده للفوز بكأس أمم إفريقيا للشباب. لكن إنجازه الأهم كان مع نادي المقاولون العرب، حين فاجأ الجميع بفوزه بكأس مصر على حساب الأهلي، ثم كأس السوبر على حساب الزمالك.
في 2004، تولّى شحاتة قيادة المنتخب المصري، في لحظة كان فيها المنتخب في حالة يرثى لها بعد إقالة الإيطالي تارديلي. وما حدث بعد ذلك أصبح تاريخًا يُروى.
ثلاثية أسطورية ونكسة حُلم المونديال
قاد "المعلّم" الفراعنة للفوز بكأس الأمم الإفريقية ثلاث مرات متتالية (2006 - 2008 - 2010)، محققًا إنجازًا لم يسبقه إليه أحد في تاريخ القارة سوى الغاني تشارلز كومي غيامفي. كما قدّم المنتخب تحت قيادته أداءً مذهلًا في كأس القارات 2009، خاصة بالفوز على إيطاليا بطلة العالم.
لكن الحلم الأكبر، بلوغ كأس العالم، اصطدم بمرارة الواقع في نوفمبر 2009، بعد الخسارة أمام الجزائر في مباراة فاصلة بالسودان.
رغم ذلك، عاد شحاتة بقوة ليتوّج مجددًا بكأس الأمم 2010، ويؤكد مكانته كأحد أعظم المدربين في تاريخ مصر وإفريقيا.
نهاية المشوار.. وخلود الأسطورة
رحل شحاتة عن المنتخب في 2011 بعد التعادل مع جنوب إفريقيا، ثم عاد briefly إلى الزمالك موسم 2011-2012، لكن الدوري لم يكتمل بسبب مذبحة بورسعيد. وأعلن اعتزاله النهائي التدريب عام 2016.
وبين كل هذه المحطات، ظل "المعلم" اسمًا محفورًا في وجدان المصريين، لاعبًا ومدربًا، رمزًا للإنجاز والانضباط، وصوتًا هادرًا على الخط يُلهم اللاعبين، ويُحرّك القلوب.
وحتى اليوم، حين تُذكر الكرة المصرية، يُذكر حسن شحاتة.. المعلم الذي علّم جيله كيف يصنع المجد، وكيف يتحمّل الخسارة بشموخ.









.jpeg)