أهداف الاتفاقية

جدل داخلي في الهند بعد توقيع اتفاقية مع "إسرائيل" أثناء تصعيد غزة

profile
  • clock 8 سبتمبر 2025, 4:57:50 م
  • eye 430
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الهند

محمد خميس
وقّعت الهند و"إسرائيل"، اليوم الاثنين، اتفاقية استثمار ثنائية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتوفير بيئة قانونية مستقرة للاستثمارات المتبادلة. وتأتي هذه الاتفاقية في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تصاعدًا للأحداث العسكرية في فلسطين، خصوصًا في قطاع غزة، ما أثار جدلًا واسعًا داخل الشارع الهندي وبين النقابات العمالية.

تسلط هذه الاتفاقية الضوء على أهمية الهند كقوة اقتصادية صاعدة وسعيها لتوسيع شراكاتها مع الدول المتقدمة في مجالات التكنولوجيا والطاقة، لكن المواقف الشعبية والسياسية تظهر تحديات كبيرة أمام توسيع العلاقات مع "إسرائيل".

أهداف الاتفاقية:
تنص الاتفاقية على تعزيز الاستثمارات المشتركة بين الهند و"إسرائيل" في عدة قطاعات استراتيجية تشمل:

التكنولوجيا المتقدمة: دعم الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتطورة.

الأمن السيبراني: تعزيز حماية البيانات والشبكات في المؤسسات الحكومية والخاصة.

الطاقة المتجددة: الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح والتقنيات المستدامة.

الزراعة الحديثة: تطوير أساليب الزراعة الذكية وتحسين إنتاجية المحاصيل باستخدام التكنولوجيا.

وتشكل هذه القطاعات ركيزة أساسية في الاستراتيجية الاقتصادية للهند، كما تعد من أبرز نقاط القوة لدى الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل الاتفاقية فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية كبيرة للطرفين.

انتقادات متصاعدة في الداخل الهندي:
على الرغم من الطابع الرسمي للاحتفال بالاتفاقية، لم يتلق الشارع الهندي الخبر بالترحيب ذاته. فقد تجددت أصوات النقابات العمالية الكبرى التي تضم ملايين الأعضاء للتحذير من أن توثيق التعاون مع "إسرائيل" في هذا التوقيت الحساس يأتي في ظل حرب دامية في غزة، ما يجعل الشراكة مثار جدل أخلاقي وسياسي.

وفي الأشهر الأخيرة، أعلنت اتحادات عمالية مثل CITU وAITUC رفضها إرسال العمال الهنود للعمل في مشاريع داخل "إسرائيل" كبديل للعمالة الفلسطينية، معتبرة أن ذلك "يشكل خيانة لمبادئ التضامن مع الشعب الفلسطيني".

كما أعلن اتحاد عمال الموانئ، الذي يمثل أكثر من 3,500 عامل في 11 ميناء حكومي، رفضه تفريغ أو تحميل شحنات أسلحة متجهة إلى "إسرائيل"، وهو موقف لاقى صدى واسعًا داخل الأوساط الشعبية، مؤكدًا أن هناك شعورًا متزايدًا بالمسؤولية الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية.

تمدد حملات المقاطعة الشعبية:
على المستوى الشعبي، توسعت أنشطة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) في الهند خلال العام الجاري. وقد شهدت مدن كبرى مثل دلهي ومومباي وحيدر آباد وبونه احتجاجات أمام مقرات شركات عالمية متهمة بدعم "إسرائيل"، مثل "ستاربكس" و"دومينوز بيتزا".

ويؤكد نشطاء BDS أن هذه التحركات بدأت كمجموعة صغيرة لا تتجاوز عشرة أشخاص، لكنها أصبحت اليوم تجذب مئات المشاركين، ما يعكس اتساع رقعة التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية داخل الشارع الهندي، وتأثير الرأي العام على قرارات الحكومة.

البعد السياسي للاتفاقية:
إلى جانب البعد الشعبي، يعيد المشهد الحالي إلى الواجهة المواقف التقليدية لبعض القوى السياسية الهندية. على سبيل المثال، دعا الحزب الشيوعي الهندي (CPI-M) مرارًا إلى مقاطعة المنتجات "الإسرائيلية" احتجاجًا على الانتهاكات ضد الفلسطينيين.

ويؤكد مراقبون أن الحكومة الهندية تواجه تحديًا مزدوجًا:

توسيع الشراكات الاقتصادية مع "إسرائيل" لتحقيق مكاسب استراتيجية في قطاعات التكنولوجيا والأمن والطاقة.

التعامل مع الغضب الشعبي والنقابي المتصاعد، الذي يطالب بقطع العلاقات الاقتصادية والالتزام بالتضامن الأخلاقي والسياسي مع الفلسطينيين.

وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التجارة البينية بين الهند و"إسرائيل" قد بلغ 3.9 مليارات دولار في عام 2024، ما يجعل أي تعديل في العلاقات الاقتصادية قرارًا حساسًا يتطلب موازنة دقيقة بين المصالح الاقتصادية والضغوط الشعبية.

تزامن الاتفاقية مع تصعيد في غزة والضفة:
تتزامن هذه الاتفاقية مع حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي وغربي، على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إضافة إلى تصعيد الاقتحامات في الضفة الغربية والاستيطان والاعتقالات المتواصلة. كما ازدادت وتيرة اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على المسجد الأقصى، مما يزيد من حساسية أي تعاون اقتصادي رسمي مع "إسرائيل" في هذا الوقت.

ويعكس ذلك أن الاتفاقية الهندية-الإسرائيلية لا تأتي في فراغ سياسي، بل تتداخل مع القضايا الإنسانية والسياسية الكبرى، مما يضاعف الضغط على الحكومة الهندية لتبرير موقفها أمام الشعب والنقابات.

انعكاسات الاتفاقية على العلاقات الدولية:
تعتبر هذه الاتفاقية مؤشرًا على رغبة الهند في تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية ودولية، واستثمار العلاقات مع "إسرائيل" في المجالات الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن الجدل الداخلي قد يفرض قيودًا على مدى تنفيذ المشاريع على أرض الواقع، خصوصًا إذا تصاعدت تحركات المقاطعة والمقاطعة الشعبية.

كما تساهم الاتفاقية في إعادة رسم الخارطة الاقتصادية والتجارية للمنطقة، حيث أن الشراكات في مجالات التكنولوجيا والطاقة والزراعة الحديثة من شأنها أن تمنح الهند وإسرائيل موقعًا متميزًا في الأسواق العالمية، بشرط إدارة المخاطر السياسية والأخلاقية المرتبطة بهذه الشراكات.

التعليقات (0)