تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في ظل توتر متصاعد بين إيران وإسرائيل، يتزايد الحديث داخل الولايات المتحدة عن إمكانية دخول واشنطن على خط المواجهة المباشرة، خاصة في ظل تلميحات الرئيس السابق دونالد ترامب إلى احتمال مشاركة أمريكية في الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد طهران.

القرار المرتقب: ترامب بين التدخل أو التراجع

حتى اللحظة، لا يزال ترامب مترددًا، إذ صرّح بأنه "قد ينضم وقد لا ينضم"، تاركًا العالم يترقب القرار الذي قد يفتح جبهة حرب جديدة في الشرق الأوسط. لكن خلف الكواليس، تتوالى المقارنات مع غزو العراق عام 2003، في ظل تشابه الأجواء السياسية، والانقسام داخل المؤسسات الأمريكية حول الملف النووي الإيراني.

المعضلة النووية: حقيقة التهديد الإيراني محل جدل

أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إلى أن السؤال المركزي في هذا الصراع يتمثل في: "إلى أي مدى اقتربت إيران من تطوير سلاح نووي؟"

فبينما تؤكد وكالات الاستخبارات الأمريكية أن طهران لم تستأنف برنامجها النووي منذ 2003، يرى ترامب عكس ذلك، حيث صرّح مؤخرًا: "لا أبالي بما قالته مديرة الاستخبارات تولسي جابارد... أعتقد أن إيران قريبة جدًا من امتلاك قنبلة نووية."

انقسام داخل البيت الأبيض

اللافت أن تصريحات ترامب تشكّل رفضًا مباشرًا لتحليلات جهازه الاستخباراتي، وهو ما يعيد إلى الأذهان بدايات غزو العراق، حين برّرت إدارة جورج بوش الحرب بتحليلات استخباراتية اتضح لاحقًا أنها غير دقيقة.

ومع ذلك، أبدى نائب الرئيس جيه دي فانس دعمه لترامب، مؤكدًا أن الرئيس "لن يستخدم الجيش الأمريكي إلا لتحقيق مصالح الشعب الأمريكي"، فيما تواصل جابارد تحذيرها من مخاطر التهويل النووي غير المدعوم بأدلة قاطعة.

شبح العراق يُخيّم من جديد

المعارضون لتدخل عسكري أمريكي في إيران يشيرون بوضوح إلى دروس غزو العراق: إيران أكبر بثلاث مرات من العراق.

عدد سكانها يفوق الضعف.

الغزو سيعني تورطًا طويلًا مكلفًا وغير مضمون النتائج.

ويحذر هؤلاء من أن استهداف إيران سيكرّر كارثة الاحتلال الدموي والمكلف للعراق، الذي لم يُثبت امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل، وأدى إلى فقدان الثقة في الاستخبارات الأمريكية وتنامي المعارضة داخل الحزب الجمهوري ذاته.

الرأي العام والانعكاسات السياسية

بحسب BBC، فإن تجربة العراق ساهمت عام 2016 في صعود ترامب نفسه، بعد أن عبّر عن رفضه الشديد للحروب الخارجية والإنفاق العسكري غير المجدي. أما الآن، وبعد 9 سنوات، يجد ترامب نفسه في موقف معاكس، يفكر فيه باستخدام القوة رغم معارضة جهاز استخباراته.

البيت الأبيض لا يرحب بغزو شامل... لكن الأمور قد تتغير

رغم أن البيت الأبيض لا يُظهر حاليًا رغبة في غزو شامل أو بناء دولة كما حدث في العراق، فإن العمليات العسكرية قد تتطور بطرق غير متوقعة، خاصة في ظل تصعيد إسرائيل وتضييق هامش المناورة أمام واشنطن.

خلاصة المشهد:
الولايات المتحدة تقف على مفترق طرق جديد في الشرق الأوسط، وقرار ترامب بالتدخل عسكريًا في إيران أو التراجع قد يُشكّل أحد أكثر لحظات السياسة الخارجية الأمريكية حساسية منذ غزو العراق، مع احتمالات بعواقب استراتيجية بعيدة المدى.