خطوة جديدة في مسار تقليص العلاقات

الولايات المتحدة تخطط لإلغاء مكتب التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية

profile
  • clock 1 مايو 2025, 11:44:49 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
قوات الأمن تنتشر في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، 18 يناير 2025 (وكالة الصحافة الفرنسية)

في مؤشر جديد على التراجع المتسارع في العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية، كشفت تقارير إعلامية متعددة عن نية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء منصب منسق الأمن الأمريكي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وهو المنصب الذي يُعدّ أحد أبرز مظاهر التعاون الأمني العلني بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية. وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل يوم الأربعاء أن الجنرال الأمريكي مايك فينزل، الذي يشغل المنصب منذ عام 2021، أُبلغ الأسبوع الماضي بأن مهمته سيتم إنهاؤها، في انتظار إعلان رسمي يُتوقع صدوره خلال الأسابيع المقبلة.

وبحسب موقع أكسيوس، فإن وزير الخارجية ماركو روبيو يدرس منذ فترة إلغاء المنصب، إلا أنه لم يتخذ قرارًا رسميًا بعد. مع ذلك، أكد الجنرال فينزل لزملائه أنه يعتقد أن مصيره قد حُسم، وأن المكتب في طريقه إلى الإلغاء.

دور حاسم في التنسيق الأمني الأمريكي الفلسطيني

رغم أن مكتب منسق الأمن الأمريكي (USSC) يعتبر من المناصب المغمورة إعلاميًا، إلا أنه يمثّل نقطة الارتكاز الأساسية للتعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وجهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية. وقد تم تأسيس هذا المنصب عام 2005 بهدف تدريب قوات الأمن الفلسطينية وتعزيز التنسيق الأمني بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي.

يقع مكتب المنسق في القدس ويخضع رسميًا لوزارة الخارجية الأمريكية، غير أن من يتولى إدارته دائمًا يكون جنرالًا في الجيش الأمريكي. وتكمن وظيفته في التنسيق لتزويد السلطة بالسلاح والتدريب، فضلًا عن تسهيل قنوات الاتصال بين الإسرائيليين والفلسطينيين، خصوصًا في الفترات التي تشهد فيها العلاقة توترًا أو قطيعة.

وفي حين تتولى وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) دعم السلطة الفلسطينية بطرق سرية، فإن مكتب منسق الأمن يمثل الواجهة العلنية للتعاون الأمني الأمريكي الفلسطيني، رغم كونه يتلقى اهتمامًا إعلاميًا محدودًا.

مكتب أمني مهدد بالإلغاء وسط غموض سياسي

أثارت مصير المكتب تساؤلات علنية منذ 22 أبريل الماضي، عندما كشف وزير الخارجية روبيو عن قائمة بالمكاتب والإدارات التي ستشملها إعادة هيكلة وزارة الخارجية الأمريكية. وقد لُوحظ غياب اسم مكتب منسق الأمن الأمريكي عن هذه القائمة، ما اعتُبر مؤشرًا على النية لإلغائه.

وحتى لو جاء قرار الإلغاء تحت غطاء خفض النفقات، كما زعمت بعض المصادر المقربة من الإدارة، إلا أن إغلاق هذا المكتب سيكون بمثابة رسالة واضحة على تراجع أهمية العلاقة مع السلطة الفلسطينية في سلم أولويات واشنطن. وهو ما يُعدّ تراجعًا سريعًا، لا سيما أن إدارة جو بايدن كانت قد أعادت تفعيل دور هذا المنسق كجزء من خطتها لما بعد الحرب في غزة.

وكان موقع ميدل إيست آي قد كشف في يونيو 2024 عن أن مسؤولين أمريكيين سابقين قد أعدّوا خطة تدعو إلى زيادة دور القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في التنسيق مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ضمن تصور لإدارة قطاع غزة بعد الحرب. غير أن معظم خطط إدارة بايدن في هذا الإطار لم تُنفّذ على أرض الواقع.

السلطة الفلسطينية تبحث عن دور والولايات المتحدة تتراجع

بعد إعلان قصير لوقف إطلاق النار في يناير الماضي، عاودت إسرائيل هجومها على قطاع غزة في مارس، مدعومة بتأييد مباشر من إدارة ترامب. وفي هذا السياق، كانت السلطة الفلسطينية قد عرضت نفسها على المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف خلال لقاء في الرياض، لتتولى مهام الأمن في غزة بديلًا عن حركة حماس، بحسب ما أفاد به موقع ميدل إيست آي سابقًا.

لكن ترامب فاجأ الجميع في الشهر التالي عندما كشف عن خطته لتحويل قطاع غزة إلى ما وصفه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، في محاولة لطرح تصور أمريكي بديل تمامًا لإدارة القطاع، دون أن يذكر السلطة الفلسطينية بأي شكل من الأشكال. ورغم أنه تراجع مؤقتًا عن هذه الخطة، إلا أنه لم يُبدِ أي اهتمام بإشراك السلطة في ترتيبات ما بعد الحرب.

في المقابل، تمارس دولة الإمارات ضغوطًا على إدارة ترامب لرفض خطة طرحتها جامعة الدول العربية، تتضمن قيام سلطة فلسطينية مدعومة من مصر ومنخرطة في ترتيبات أمنية ما بعد الحرب. ويبدو أن الولايات المتحدة، باستجابتها لهذه الضغوط، تتجه فعليًا نحو تقليص أي دور للفلسطينيين في مستقبل غزة.

فراغ دبلوماسي متسارع وفقدان الشركاء الفلسطينيين

وفي حال تم فعليًا إلغاء منصب منسق الأمن الأمريكي، فإن ذلك سيُضيف إلى الفراغ السياسي المتزايد في العلاقة مع السلطة الفلسطينية. فقد استقال هانس فيكسل، رئيس مكتب الشؤون الفلسطينية في وزارة الخارجية الأمريكية، من منصبه في مارس الماضي، ولم تقم الإدارة الأمريكية بتعيين بديل له حتى الآن.

هذا التراجع في التواصل السياسي والأمني مع الفلسطينيين يأتي في وقت ترتفع فيه الأصوات داخل الحكومة الإسرائيلية المطالبة بضم رسمي للضفة الغربية المحتلة، وهي المنطقة التي كانت تخضع جزئيًا لإشراف منسق الأمن الأمريكي ومكتب الشؤون الفلسطينية.

ومن الواضح أن إلغاء المنصب لن يكون مجرد خطوة إدارية، بل يمثل توجهًا استراتيجيًا لإدارة ترامب نحو إعادة رسم العلاقة مع السلطة الفلسطينية بما يتناسب مع أولويات جديدة تتجاهل حقوق الفلسطينيين، وتُراعي مصالح الاحتلال الإسرائيلي.

التعليقات (0)