التجويع والتصفية.. سياسة ممنهجة لا حوادث معزولة

"القتل تحت غطاء الإغاثة": تقرير صادم لأطباء بلا حدود يوثق جرائم مروّعة في غزة

profile
  • clock 7 أغسطس 2025, 7:25:59 م
  • eye 412
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

حين تصبح الإغاثة مصيدة موت

في تقرير ميداني هو من بين الأقسى في تاريخها، كشفت منظمة أطباء بلا حدود عن ما وصفته بـ"القتل الممنهج وإهانة الكرامة الإنسانية" في مواقع توزيع الغذاء جنوب قطاع غزة، التي تديرها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية". التقرير الذي يحمل عنوان "هذه ليست إغاثة بل قتلًا ممنهجًا"، يدق ناقوس الخطر حول عسكرة الإغاثة وتحويلها إلى أداة للقمع والتجويع والتصفية.

تفاصيل صادمة من قلب غزة

وثّق التقرير الذي شمل عيادتَي المواصي والعطار، الواقعتين قرب مراكز التوزيع، استقبال 1380 مصابًا بين 7 يونيو و24 يوليو 2025، بينهم 28 شهيدًا، و71 طفلًا أصيبوا بأعيرة نارية، 25 منهم دون سن الخامسة عشرة.

ومن بين الشهادات المؤلمة، حالة صبي في الثانية عشرة اخترقت رصاصة بطنه بالكامل، وطفلة في الثامنة أصيبت بطلق ناري في صدرها، ضمن مشهد عبثي يُحمل أطفالًا مسؤولية تأمين الطعام لعائلاتهم وسط الخطر والموت المحتم.

استهداف مباشر وبدم بارد

تحليل الإصابات يكشف نية واضحة في القتل 11% من الإصابات في الرأس والرقبة و 19% في الصدر والبطن والظهر و أنماط إصابات دقيقة تشير إلى تدريب وقصد وليس إلى "نيران عشوائية"

وتُضيف المنظمة أن هذه الإصابات "ليست عرضية"، بل تدل على استهداف متعمد للمدنيين أثناء محاولاتهم الحصول على الغذاء.

"مؤسسة غزة الإنسانية": غطاء لإبادة جماعية

يشير التقرير إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قامت، في مايو 2025، بتفكيك آلية الإغاثة الأممية واستبدالها بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مؤسسة تعمل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي وتحرسها شركات أمن أمريكية خاصة، مما يمثل عسكرة كاملة للعمل الإنساني.

ورغم محاولات واشنطن وتل أبيب تسويق المؤسسة كـ"بديل فعال"، فإن الوقائع الميدانية أثبتت أنها مصائد موت وأدوات قمع، بحسب وصف أطباء بلا حدود.

التجويع والتصفية.. سياسة ممنهجة لا حوادث معزولة

في مشهد يُشبه "مسرح المجاعة"، تتحوّل مراكز التوزيع إلى ساحات تدافع دموي واعتداءات جسدية، حيث وثّقت المنظمة 196 إصابة نتيجة التدافع و حالات وفاة بسبب الاختناق و مصطلح جديد في السجلات الطبية: "مريض ضربه الآخرون" و ما يوضح أن الجوع يُستعمل كسلاح جماعي، ويُدفع بالناس إلى مواجهة بعضهم البعض من أجل البقاء.

قتل الأطفال على مرأى من العالم

في الأول من أغسطس، وفي اليوم نفسه الذي زار فيه المبعوث الأمريكي مواقع المؤسسة، قُتل الفتى محمود جمال العطار (15 عامًا) برصاصة في صدره أثناء بحثه عن الطعام. حادثة تُجسد القتل المنهجي الذي يجري وسط صمت دولي رهيب.

دعوة لإغلاق عاجل وتحرك دولي

أطباء بلا حدود دعت في ختام تقريرها إلى التفكيك الفوري لمؤسسة غزة الإنسانية و تعليق أي دعم مالي أو سياسي لها و إعادة تنشيط آليات إيصال المساعدات الأممية المستقلة و فتح تحقيق دولي فوري في الجرائم الموثقة واعتبرت المنظمة أن استمرار هذه المراكز هو انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

الإغاثة لا تكون على فوهة البندقية

ما كشفه التقرير لا يمكن اعتباره "انتهاكًا معزولًا"، بل هو سياسة ممنهجة للتجويع والقتل والإذلال، تُدار بغطاء إنساني زائف. مسؤولية العالم أن يواجه هذه الجريمة الأخلاقية والقانونية دون تردد، وأن يُنهي صمته المعيب أمام ما يحدث من إبادة مُمأسسة بحق سكان غزة، أطفالًا ونساءً ورجالًا.

التعليقات (0)