تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

كشفت الطبيبة الأمريكية أمبرين سليمي، التي تعمل حاليًا في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، عن واقع صحي كارثي تعاني منه النساء الحوامل في غزة، مؤكدة أنها تضطر إلى إجراء عمليات ولادة قيصرية مبكرة بسبب مضاعفات صحية خطيرة ناجمة عن نقص الغذاء والدواء.

وقالت سليمي، التي وصلت غزة قبل ثلاثة أسابيع ضمن بعثة إنسانية لمنظمة "بيت المال" الأمريكية، إن العديد من النساء يلدن أطفالاً بأحجام صغيرة جدًا وفي توقيت مبكر نتيجة حالة المجاعة الشديدة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الوضع يزداد سوءًا مع استمرار الحرب والتجويع الممنهج منذ أكثر من 21 شهرًا.

مجاعة وأطفال حديثو الولادة يعانون من سوء التغذية

ظهرت سليمي في مقابلة إعلامية بجوار طفل حديث الولادة داخل الحضانة، يعاني من سوء تغذية حاد، وأكدت أن الطفل وُلد قبل أسبوعين بعملية قيصرية. كما أشارت إلى أن مثل هذه الحالات أصبحت مشهدًا يوميًا في المستشفى، حيث يعاني الأطفال من نقص الوزن وسوء النمو في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية.

وأضافت أن مستشفى ناصر، وكغيره من مستشفيات قطاع غزة، يعاني من نقص شديد في المعدات الطبية والإمدادات والأسرّة والطعام، مما يعقد بشكل كبير تقديم الرعاية للنساء الحوامل والأطفال المصابين.

نقص الأسرة يفاقم الأزمة

وأشارت الطبيبة إلى أن قسم النساء بالمستشفى غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من الأمهات والرضع، بالإضافة إلى ضحايا الحرب والمجاعة، مما يؤثر سلبًا على قدرة المستشفى في تقديم العلاج اللازم.

وتحدثت سليمي عن حالة إنسانية مؤلمة لامرأة فلسطينية تبلغ من العمر 22 عامًا، حامل في شهرها السادس، فقدت زوجها نتيجة قصف إسرائيلي، وتعرضت لحروق شديدة وفقدت إحدى عينيها، بينما أصيب طفلها البالغ من العمر 3 أعوام. وتعيش الأم الآن صدمة نفسية حادة.

تفشي الالتهابات والأمراض بسبب سوء التغذية

أكدت سليمي أن هناك ارتفاعًا مقلقًا في حالات الالتهابات، خاصة بين النساء الحوامل، في ظل نقص التغذية، حيث تعتبر التغذية السليمة أساسية لمكافحة العدوى والشفاء من الجروح. كما أن تكرار النزوح وتدهور النظافة العامة يؤديان إلى تفشي الأمراض.

وأشارت إلى أن بعض الحوامل أصبن بجروح خطيرة وحروق نتيجة القصف المباشر، ويحتجن إلى عمليات جراحية دقيقة، وسط نقص الكوادر الطبية والمستلزمات الأساسية.

مخاوف من موت جماعي للأطفال بسبب نفاد الحليب

وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، هناك ما يزيد عن 60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية والأمن الغذائي. كما حذر المكتب من موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل نتيجة نفاد حليب الأطفال والمكملات الغذائية.

وأعلنت وزارة الصحة بغزة أن عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية بلغ 133 حالة منذ أكتوبر 2023، بينهم 85 طفلًا، وسط استمرار السياسات الإسرائيلية القائمة على التجويع والتدمير والتهجير.

كارثة إنسانية تتجاهلها إسرائيل بدعم أمريكي

منذ 7 أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل حربًا شاملة ضد غزة، شملت القتل والتدمير والتجويع الممنهج وتهجير السكان، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات.

وقد أسفرت هذه الحرب عن استشهاد أو إصابة أكثر من 204 آلاف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، وآلاف الضحايا بسبب المجاعة، في ظل دعم أمريكي مستمر.