تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

رحيل قائد استثنائي بصمت المقاتلين الكبار

استشهد القائد حكم العيسى، الملقب بـ"أبو عمر السوري" و"الصحابي"، مساء السبت 28 يونيو 2025، على تخوم قطاع غزة، إلى جانب زوجته وحفيدته، بعد مسيرة حافلة بالجهاد والعطاء، امتدت عبر عدة دول وانتهت في صفوف كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

من رامين إلى الكويت.. البداية الهادئة

ينحدر العيسى من بلدة رامين قضاء طولكرم شمال الضفة الغربية، وُلد في الكويت عام 1967، ونشأ في عائلة فلسطينية متواضعة، عُرفت باهتمامها بالتعليم والانخراط الوطني. تلقى تعليمه حتى الثانوية العامة بالكويت، ثم اتجه إلى مدينة بوبال في الهند لإكمال دراسته الجامعية.

بوبال.. نقطة التحول نحو العمل الجهادي

في الهند، برز حكم بين زملائه الطلاب بتفوقه الدراسي وأخلاقه العالية، وكان منخرطًا في النشاط الدعوي الإسلامي، حيث كوّن علاقات واسعة مع طلاب من دول مختلفة مثل السودان وأريتريا والصومال. لكن قلبه كان دائمًا معلقًا بالقضية الفلسطينية، وهو ما دفعه لاحقًا للالتحاق بدورات عسكرية في خوزستان بإيران، والانخراط في ساحات القتال في الشيشان وسوريا ولبنان.

الوصول إلى غزة.. تأسيس تجربة عسكرية جديدة

وصل العيسى إلى قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، محملاً بخبرات قتالية وتنظيمية نادرة. وحين التقى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، لفت نظره بسرعة، ليصبح لاحقًا أحد أعضاء المجلس العسكري الأعلى، وهي مرتبة لا تُمنح إلا للنخبة داخل الكتائب.

كان العيسى أحد مهندسي منظومة التدريب العسكري، وأسهم بشكل كبير في تحويل الكتائب من مجموعات مقاومة متفرقة إلى قوة شبه نظامية ذات طابع عسكري متقدم.

"الصحابي".. لقبٌ مستحق لرجل زاهد ومجاهد

في غزة، عُرف باسم "الصحابي"، لتأثره العميق بالصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه، حيث كان زاهدًا في الدنيا، متواضعًا، لا يُعرّف بنفسه إلا عند الضرورة، ويشارك في التدريبات رغم مكانته العالية. أحد الصحفيين في غزة وصفه قائلًا: "لم يكن يحب الأضواء، بل كان وجهه البشوش أقوى من أي لقب، وقربه من المقاتلين منحه احترامًا لا يُشترى".

استشهاد في الميدان.. كما عاش

استشهد حكم العيسى أثناء وجوده قرب الحدود مع “غلاف غزة”، في موقع شديد الخطورة، لكنه لم يتردد لحظة، كما تقول مصادر قريبة منه. نال الشهادة مع زوجته وحفيدته، في مشهد يلخص مسيرته في التضحية الكاملة والعطاء حتى الرمق الأخير.

وقد نعت عائلته في الضفة الغربية ابنها بكل فخر، مؤكدة أن “ابن رامين لم يغادر ميدان الشرف حتى آخر لحظة”.