استراتيجية مائية ممنهجة لاقتلاع السكان

من التعطيش إلى التهجير: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم المياه كسلاح لطرد الفلسطينيين

profile
  • clock 7 يوليو 2025, 12:27:11 م
  • eye 421
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في موازاة السياسات العسكرية والاستيطانية المتسارعة في الضفة الغربية المحتلة، تنتهج حكومة الاحتلال الإسرائيلي سياسة ممنهجة تقوم على الاستيلاء على مصادر المياه وفرض التعطيش على السكان الفلسطينيين، كأداة فعالة لإجبارهم على الهجرة القسرية من أراضيهم، لا سيما في مناطق الأغوار والريف.

هذه الممارسات، التي توصف بأنها أداة صامتة للتهجير الجماعي، تهدف إلى خلق بيئة طاردة غير صالحة للعيش، تدفع السكان الفلسطينيين إلى الرحيل قسرًا، في ظل انعدام الحد الأدنى من مقومات الحياة، وعلى رأسها الأمن الغذائي والمائي.

الأغوار.. نموذج حي لسياسة التعطيش والاقتلاع

تشير التقارير الميدانية إلى أن سلطات الاحتلال "أفرغت فعليًا" معظم مناطق الأغوار من سكانها، بسبب نقص المياه الحاد. وقد اضطر الآلاف إلى الهجرة باتجاه المدن الفلسطينية أو حتى خارج البلاد، بحثًا عن بيئة معيشية توفر الحد الأدنى من الاستقرار.

ويؤكد الأهالي والناشطون أن هذه السياسات تُعد جزءًا من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى السيطرة الكاملة على أراضي الضفة الغربية، من خلال تفريغها ديمغرافيًا، لا سيما في المناطق الريفية ذات الطابع الزراعي.

السيطرة على المصادر ومنع المشاريع الفلسطينية

في المقابل، تعتمد معظم محافظات وقُرى الضفة الغربية بشكل شبه كلي على المياه التي توفرها شركة "ميكوروت" الإسرائيلية، وسط غياب أي سيطرة فلسطينية فعلية على الموارد الطبيعية. ورغم الطلب المتزايد، يمنع الاحتلال إقامة آبار ارتوازية أو مشاريع مائية فلسطينية، ويواصل مصادرة غالبية الينابيع في القرى الفلسطينية، ما يحرم السكان من الاستفادة منها في ري المحاصيل أو الاستخدام المنزلي.

كما تُسجَّل بشكل متكرر حالات تدمير متعمد لخزانات المياه في المناطق المصنفة "ج"، وفرض قيود شديدة على تمديدات الشبكات المائية، في الوقت الذي تُمد فيه المستوطنات الإسرائيلية القريبة بكميات وفيرة من المياه، دون انقطاع.

نتائج كارثية وتطهير مائي مقنّن

إن استخدام المياه كسلاح ضد الفلسطينيين، لا يقتصر فقط على التعطيش، بل يمثل شكلاً من أشكال التطهير العرقي المائي، إذ يُجبر السكان على مغادرة أراضيهم تحت وطأة الجفاف، ويمنعهم من الزراعة والبقاء في قراهم.

وتشير منظمات حقوقية محلية ودولية إلى أن هذا النوع من السياسات يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، الذي يكفل الحق في الماء كجزء أساسي من الحق في الحياة، ويمنع أي قوة احتلال من التحكم أو تعطيل وصول المدنيين إلى الموارد الأساسية.

دعوات للمساءلة والتحرك الدولي

في ظل تصاعد هذه الانتهاكات، تتصاعد الدعوات الحقوقية لمساءلة الاحتلال الإسرائيلي على هذه الجرائم الممنهجة، وممارسة ضغوط دولية لإنهاء التحكم الإسرائيلي الكامل بالمياه في الأراضي الفلسطينية، وتمكين الفلسطينيين من الوصول الحر إلى مواردهم الطبيعية.

التعليقات (0)