فرنسا تستعد لمؤتمر مشترك مع السعودية: دعوات لتفكيك حماس واعتراف بدولة فلسطينية

profile
  • clock 28 يوليو 2025, 1:30:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في تصعيد واضح للمواقف السياسية تجاه إسرائيل، كشف وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عن توجه دبلوماسي فرنسي جديد يجمع بين الضغط الإنساني والدفع نحو حلّ سياسي شامل في الشرق الأوسط، بالتوازي مع تحركات تقودها باريس بالتعاون مع السعودية داخل الأمم المتحدة. تصريحات بارو جاءت خلال حوارين مع صحيفة La Tribune الفرنسية وشبكة CBS الأمريكية، وأكد فيها أن فرنسا لا تكتفي بالرمزية، بل تتبنى التزامًا سياسيًا فعليًا تجاه مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية.

انتقادات مباشرة لإسرائيل… وتلميح لتقارب مع السعودية

في التصريحات اللافتة، حمّل وزير الخارجية الفرنسي حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية "المأزق الأمني والإنساني" في قطاع غزة، مؤكداً أن "ما يحدث في غزة صادم... القطاع يقف على شفير كارثة شاملة". وأشار إلى أن لدى فرنسا 52 طناً من المساعدات الإنسانية تنتظر الدخول من العريش في مصر، لكنها تصطدم بإغلاق إسرائيل للمعابر. وأضاف: "نطالب بوصول فوري وغير معرقل وكثيف للمساعدات إلى كل من يحتاجها، بكافة الطرق".

وأشار بارو إلى أن بلاده تقود إلى جانب السعودية مؤتمرًا في نيويورك هذا الأسبوع (الاثنين والثلاثاء)، سيشكّل – بحسب وصفه – "علامة فارقة"، حيث "ستنضم الدول العربية إلى دعوات تفكيك حماس، فيما ستعلن دول أوروبية إضافية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية". وأوضح أن نصف الدول الأوروبية اعترفت بالفعل، والبقية "تدرس الانضمام إلى هذا الزخم".

بارو: هذه ليست نهاية الحدث بل بدايته

أكد وزير الخارجية الفرنسي أن "الاعتراف بدولة فلسطينية لا يعني نهاية الطريق، بل هو بداية مسار سياسي جديد"، مضيفًا أن السلطة الفلسطينية "تُجري إصلاحات جدية"، مشيرًا إلى أن الرئيس محمود عباس استخدم لأول مرة تعبير "إرهابيين" لوصف هجوم حماس في 7 أكتوبر، وتعهد بإجراء انتخابات واستبعاد حماس والتنظيمات المسلحة من المشهد السياسي، وإنشاء "دولة منزوعة السلاح"، وهو ما وصفه بارو بأنه "تطور مهم".

دعوات لوقف الاستيطان… وانتقادات لممارسات المستوطنين

وفي إطار الرؤية الفرنسية لما تسميه "المعادلة الأمنية في الإقليم"، شدد بارو على أن تفكيك حماس وإخراجها من المشهد السياسي يعدّ "أولوية مطلقة"، إلى جانب إدخال مساعدات إنسانية دون قيود، وإطلاق سراح الرهائن، ووقف الاستيطان. ولفت إلى أن "نشاط المستوطنات مخالف للقانون الدولي، ويضر بأمن إسرائيل نفسها"، محذّراً من أن "عنف المستوطنين" يفاقم التوتر. وقال إن فرنسا فرضت بالفعل عقوبات على عناصر من اليمين المتطرف، لكن "تلك الإجراءات لم تُجدِ نفعاً حتى الآن".

كما أعلن أن المفوضية الأوروبية ستصدر خلال أيام موقفًا موحدًا يدعو إلى "وقف خطط الاستيطان الجديدة وإنهاء آلية توزيع الدعم العسكري التي ساهمت في مجازر دموية".

باريس تُمهّد لتحول أوروبي… وتحفّظ من ترامب

فرنسا باتت، وفقًا لبارو، أول دولة من مجموعة السبع (G7) تعترف رسميًا بدولة فلسطينية. وأشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني أبدى استعدادًا للحاق بهذا المسار، وأن ألمانيا "تدرس الأمر على المدى القريب". وقال: "سنطلب من الدول الأخرى في نيويورك الانضمام إلى هذه الديناميكية".

ورداً على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف فيه اعتراف ماكرون بأنه "لا يحمل وزناً"، قال بارو: "148 دولة أيدت موقف ماكرون، ونهجنا لا يتعارض مع سياسة ترامب السابقة، بل ينسجم معها، بما في ذلك اتفاقيات إبراهام. ولكن حتى تأتي موافقة أمريكية رسمية، فإنّ خيار عدم التحرك غير وارد".

بين الضغوط الغربية وإعادة رسم الخارطة السياسية

الملفت أن تصريحات بارو تحمّل إسرائيل مسؤولية تدهور الوضعين الأمني والإنساني في غزة والضفة الغربية، وتروّج لمعادلة إقليمية جديدة: دولة فلسطينية منزوعة السلاح، إصلاحات فلسطينية داخلية، ونظام أمني عربي-إسرائيلي مشترك.

من زاوية الرؤية الإسرائيلية، تتابع التحليلات السياسية هذه التطورات بتحفّظ شديد، إذ يُنظر إلى الدور الفرنسي الجديد، المدعوم سعودياً، كمحاولة لفرض معادلة دولية خارج التنسيق مع تل أبيب. وتحذّر بعض الأصوات من أن هذا المسار قد يؤدي إلى "كمين سياسي ودبلوماسي" لإسرائيل، لا سيما إذا اتسع الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية وأُرفق بتدابير ضد الاستيطان وفرض مسار دبلوماسي إجباري.

في ظل تعثّر المفاوضات، وتراجع الدعم الغربي العلني لإسرائيل، تضع فرنسا نفسها في موقع القيادة لمبادرة سياسية جديدة في الشرق الأوسط، تنسّق فيها مع قوى عربية وغربية، وتسعى لتحويل معادلة الحرب إلى مسار سياسي واضح المعالم، تتخلله ضغوط إنسانية وتغييرات في المواقف الأوروبية التقليدية من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. أما إسرائيل، فترى في ذلك – حسب تعبير وسائلها – "فخاً دبلوماسيًا يوشك أن يُغلق عليها"، خاصة في ظل أزمة الثقة العميقة مع حكومة نتنياهو.

التعليقات (0)