تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

حذّر مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، من انهيار وشيك للمنظومة الصحية في قطاع غزة، في ظل تفشي المجاعة واستمرار القصف الإسرائيلي العنيف، مؤكدًا أن الوفيات الناجمة عن التجويع الممنهج وصلت إلى مستويات "غير مسبوقة"، وأن الوضع الصحي في القطاع بات حرجًا وخطيرًا للغاية.

نظام صحي منهار ونفاد وشيك للأدوية

وأكد أبو سلمية أن مستشفيات غزة تعمل حاليًا بأضعاف قدرتها، حيث تجاوزت السعة السريرية في مجمع الشفاء نسبة 250%. وأشار إلى أن المستشفى بات يفتقر بشدة لمواد التخدير الأساسية، مما يهدد بوقف كامل للعمليات الجراحية، حتى الطارئة منها، خلال أيام قليلة.

وأشار إلى أن أكثر من 17 ألف طفل دخلوا مرحلة سوء التغذية الحاد، في ظل انعدام الحليب والمواد الغذائية للأطفال الخدج، ما يُعرّض حياتهم للخطر المباشر. وأوضح أن مستشفيات الأطفال تعاني من اكتظاظ مرعب، حيث تستقبل آلاف الحالات الناتجة عن المجاعة ونقص التغذية، في مشهد كارثي لم يسبق له مثيل في تاريخ غزة.

غوتيريش: أزمة غزة أخلاقية تتحدى الضمير الإنساني

من جانبه، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما يحدث في غزة بأنه "أزمة أخلاقية" تتحدى الضمير العالمي، مؤكدًا أن البيانات والتصريحات لا تُشبع الأطفال الجياع. وفي خطاب مؤثر أمام الجمعية العالمية لمنظمة العفو الدولية، قال غوتيريش: "لا شيء يمكن أن يبرر انفجار الموت والدمار في غزة".

وأشار إلى أن موظفي الأمم المتحدة في غزة يتضورون جوعًا، وأن كثيرين منهم فقدوا الإحساس بالحياة بسبب الظروف غير القابلة للتخيّل. وأضاف أن أطفال غزة أصبحوا يتحدثون عن رغبتهم في الذهاب إلى الجنة، لأنهم كما يقولون: "سيجدون طعامًا هناك".

حصيلة مأساوية تتفاقم يوميًا

ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد الوفيات جراء الجوع وسوء التغذية إلى 122 حالة وفاة منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 83 طفلًا. كما حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن ثلث سكان غزة لم يتناولوا الطعام منذ أيام.

أما المفوّض العام للأونروا، فيليب لازاريني، فصرّح أن: "الناس في غزة ليسوا أحياءً ولا أمواتًا، إنهم جثث تمشي على الأرض".

وأضاف أن الأطفال الذين ترصدهم فرق "الأونروا" يعانون من الهزال الشديد والضعف العام، بينما بدأ العاملون الصحيون ينهارون من الجوع، ما يؤشر على انهيار المنظومة الإنسانية برمّتها.

اتهامات أممية لإسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب

وفي تطور خطير، اتهمت منظمة العفو الدولية "إسرائيل" باستخدام التجويع كسلاح حرب لارتكاب إبادة جماعية في غزة، ووصفت الممارسات الإسرائيلية بأنها جريمة حرب موثقة، خاصة مع استمرار حصار القطاع ومنع وصول المساعدات الإنسانية المحايدة.

ضحايا المجاعة والمساعدات: أرقام صادمة

كشفت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد 59,733 فلسطينيًا وإصابة 144,477 آخرين منذ بدء العدوان. أما منذ 18 مارس 2025 وحتى اليوم، فقد تم تسجيل 8,581 شهيدًا و32,436 إصابة.

كما وثّقت الوزارة خلال 24 ساعة فقط استشهاد 29 فلسطينيًا خلال محاولتهم الحصول على المساعدات، ليرتفع عدد "شهداء لقمة العيش" إلى 1,121 شهيدًا وأكثر من 7,485 إصابة.

إبادة جماعية ودعم أمريكي مستمر

منذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب "إسرائيل" – بدعم أمريكي – إبادة جماعية شاملة في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، في تجاهل صارخ للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.

وقد خلّفت هذه الإبادة أكثر من 203 ألف ضحية بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ودمار شامل طال معظم المدن والمناطق، في ظل مجاعة أودت بحياة آلاف الأبرياء.