أهمية القرار 1701

رئيس الحكومة اللبنانية: متمسكون بمسار وقف الأعمال العدائية لكن أين التزام إسرائيل بهذه الآليات؟

profile
  • clock 18 سبتمبر 2025, 2:53:41 م
  • eye 422
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تصريح عاجل يعكس حساسية المرحلة التي تمر بها المنطقة، شدّد رئيس الحكومة اللبنانية على تمسّك لبنان بمسار وقف الأعمال العدائية، مؤكداً أن الحكومة تلتزم بكامل مسؤولياتها تجاه القرارات الدولية والآليات الدبلوماسية المتفق عليها. غير أنّه طرح تساؤلاً جوهرياً حول التزام إسرائيل بهذه الآليات، في ظل استمرار الخروقات والانتهاكات المتكررة على الأراضي اللبنانية والحدود الجنوبية.

الموقف اللبناني الرسمي

أوضح رئيس الحكومة أنّ لبنان حريص على الالتزام بالاتفاقات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي ينصّ على وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل بعد حرب تموز 2006. وأشار إلى أنّ الدولة اللبنانية تقوم بدورها في التنسيق مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) لضمان الاستقرار ومنع أي تصعيد قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة مفتوحة.

إلا أنّ التساؤل المطروح من قبل رئيس الحكومة كان واضحاً: أين هو التزام إسرائيل بالاتفاقيات الدولية؟، إذ يلفت النظر إلى أنّ الخروقات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية أصبحت شبه يومية، وهو ما يقوّض أي مسار جدي نحو التهدئة.

الخروقات الإسرائيلية المستمرة

تشير التقارير الأمنية الصادرة عن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل إلى أنّ الطائرات الإسرائيلية تنتهك المجال الجوي اللبناني بشكل متكرر، حيث تسجَّل طلعات استطلاعية وهجومية في بعض الأحيان، إضافة إلى توغلات محدودة عبر الحدود البرية. هذه الانتهاكات، وفق الموقف اللبناني، لا تعكس أي نية حقيقية من جانب إسرائيل للالتزام بمسار التهدئة أو احترام سيادة لبنان.

كما أنّ الانتهاكات البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية تشكل تحدياً إضافياً، خصوصاً في ظل حساسية ملف الحدود البحرية وملف الغاز والطاقة شرق البحر المتوسط.

الرسائل السياسية وراء التصريح

تصريح رئيس الحكومة اللبنانية لا يأتي في فراغ سياسي، بل يعكس رسائل متعددة الاتجاهات:

إلى الداخل اللبناني: تأكيد على أنّ الحكومة متمسكة بخيار الدولة والشرعية الدولية، بعيداً عن الانجرار وراء التصعيد العسكري.

إلى المجتمع الدولي: دعوة واضحة لمجلس الأمن والأمم المتحدة للضغط على إسرائيل كي تلتزم بالقرارات الدولية.

إلى إسرائيل: رسالة بأنّ لبنان لن يقبل بأن يُستباح مجاله الجوي والبري، وأنّ الصبر على هذه الانتهاكات له حدود.

الموقف الدولي

حتى اللحظة، لا يزال المجتمع الدولي يدعو الطرفين إلى ضبط النفس، مع التأكيد على أهمية استمرار دور قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) في الجنوب اللبناني. غير أنّ تصريحات المسؤولين اللبنانيين تكشف عن حالة من الإحباط بسبب ما يعتبرونه "صمتاً دولياً" حيال الممارسات الإسرائيلية المتكررة، مقابل ضغوط متزايدة على لبنان لضبط الوضع الداخلي ومنع أي ردود فعل قد تشعل الجبهة الجنوبية.

انعكاسات داخلية

التصعيد المستمر والخروقات الإسرائيلية تضع لبنان أمام معادلة معقّدة، خصوصاً أنّ البلاد تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وانقسامات سياسية داخلية. في ظل هذه الظروف، تسعى الحكومة اللبنانية إلى تجنّب أي حرب جديدة قد تدمّر ما تبقى من بنى تحتية وتفاقم الأزمات المعيشية.

لكن في المقابل، هناك أصوات لبنانية ترى أنّ استمرار الانتهاكات الإسرائيلية دون رد يشكل مساساً بالسيادة، ويضعف الموقف الرسمي للدولة، ما يفتح الباب أمام قوى أخرى لملء الفراغ والرد بوسائل غير دبلوماسية.

أهمية القرار 1701

يشكّل القرار 1701 محوراً أساسياً في التصريحات الرسمية اللبنانية، حيث ينص على وقف إطلاق النار الكامل، واحترام الحدود المعترف بها دولياً، ونشر قوات اليونيفيل إلى جانب الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني. ورغم مرور أكثر من 19 عاماً على صدوره، إلا أنّ التطبيق لا يزال ناقصاً، خصوصاً في ظل عدم التزام إسرائيل الكامل ببنوده، بحسب الجانب اللبناني.

دعوات للحلول الدبلوماسية

في ختام تصريحاته، شدّد رئيس الحكومة اللبنانية على أنّ لبنان لا يسعى إلى الحرب، بل يتمسك بخيار السلام العادل والشامل، الذي يضمن حقوقه السيادية ويحمي شعبه من الاعتداءات. كما دعا الأمم المتحدة والدول الكبرى إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في حماية الاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى أنّ سياسة الكيل بمكيالين لن تجلب إلا المزيد من التوتر.

تصريح رئيس الحكومة اللبنانية يسلّط الضوء من جديد على معضلة قديمة متجددة: التزام لبنان بالاتفاقيات والآليات الدولية في مقابل خروقات إسرائيلية مستمرة. وبينما تتمسك بيروت بمسار التهدئة والبحث عن حلول دبلوماسية، يبقى السؤال الأبرز: هل سيشهد المجتمع الدولي تحركاً جدياً لوقف هذه الانتهاكات، أم ستظل التهدئة حبراً على ورق؟

في ظل غياب الإجابات الواضحة، يبقى الجنوب اللبناني جبهة مفتوحة على كل الاحتمالات، رهن التطورات الإقليمية والدولية، ورهن إرادة الأطراف الفاعلة في احترام السيادة اللبنانية والقرارات الأممية.

التعليقات (0)